للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيه الأحاديث، وأن أحوال عهد النبوة هي الظروف العامة المحيطة بالحديث النبوي، وأن استحضار أحداث السيرة والمغازي له فائدة في تنزيل الأحاديث على محالها، لأن أعمال رسول الله صلى الله عليه وسلم في تجهيز الجيوش وبعث السرايا وغيرها، مما يدخل في السيرة من السنن الفعلية التي تدل على أنواع هذه التصرفات: أهي تصرف بالتبليغ أم بالإمامة أم بالقضاء. يقول الحاكم:" هذا النوع من هذه العلوم: معرفة مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسراياه وبعوثه وكتبه إلى ملوك المشركين وما يصح من ذلك وما يشذ وما أبلى كل واحد من الصحابة في تلك الحروب بين يديه، ومن ثبت، ومن هرب، ومن جبن عن القتال، ومن كرَّ، ومن تدين بنصرته صلى الله عليه وسلم، ومن نافق، وكيف قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنائم، ومن زاد، ومن نقص، وكيف جعل سلب القتيل بين الاثنين والثلاثة وكيف أقام الحدود في الغلول. وهذه أنواع من العلوم لا يستغني عنها عالم..." (١)

ومن الأسباب العلمية أيضا التي حملت المحدِّثين على العناية بنقد أخبار السيرة وتصحيحها، أن استحضار أحوال عصر النبوة وأخبار المغازي له فائدة في نقد الأحاديث والأخبار. فنقد الحديث المروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد يتوقف على عرضه على الوقائع التي صحت في السيرة النبوية. وبناء على هذا الأصل تم نقد كثير من الأحاديث، وسيأتي شيء من ذلك فيما بعد إن شاء الله تعالى. فهذه هي الأسباب التي حملت المحدِّثين على العناية بتحقيق السيرة النبوية. ولهذا نجد أخبار السيرة مبثوثة في كتب الحديث


(١) "معرفة علوم الحديث" ص: ٢٣٨.

<<  <   >  >>