للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب ما جاء أن بعض هذه الأمة يعبد الأوثان (١)

وقول الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ} ١ (٢) .

ــ

(١) لما ذكر المصنف -رحمه الله- التوحيد وما ينافيه من الشرك، أو ينافي كماله، أو ما يكون وسيلة إلى ما ينافيه، ذكر أن الشرك لا بد أن يقع في هذه الأمة بعبادة الأوثان، والوثن يطلق على كل من قصد بأي نوع من أنواع العبادة، من صنم أو قبر أو مشهد أو غير ذلك، لقول الخليل: {إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَاناً} ٢، مع قوله: (قالوا نعبد أصناما) . وقال -عليه الصلاة والسلام- لعدي وفي عنقه صليب: " ألق عنك هذا الوثن " ٣.

(٢) (ألم تر) ألم تنظر (إلى الذين أوتوا) أعطوا (نصيبا) حظا (من الكتاب) اليهود والنصارى (يؤمنون) يصدقون (بالجبت) الشيء الفشل، الذي لا خير فيه من أمور الدين، وقال الجوهري: كلمة تقع على الصنم والكاهن والساحر. (والطاغوت) الشيطان، وسيأتي تمام الكلام فيهما.

وقوله: {وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً} ٤ أي يفضلون الكفار على المسلمين، بجهلهم وكفرهم بكتاب الله الذي بأيديهم، وأخرج أحمد وغيره من غير وجه عن ابن عباس وغيره: " أنه جاء حيي بن الأخطب، وكعب بن الأشرف إلى أهل مكة، فقالوا: أنتم أهل الكتاب، وأهل العلم، فأخبرونا عنا وعن محمد، فقالوا: ما أنتم وما محمد؟ فقالوا: نحن نصل الأرحام، وننحر الكوما، ونسقي الماء على اللبن، ونفك العناة، ونسقي الحجيج، ومحمد صنبور، قطع أرحامنا، واتبعه سراق الحجيج من غفار، فنحن خير أم هو؟ فقالوا: أنتم خير وأهدى سبيلا، فأنزل الله هذه الآية ". قال =


١ سورة النساء آية: ٥١.
٢ سورة العنكبوت آية: ١٧.
٣ الترمذي: تفسير القرآن (٣٠٩٥) .
٤ سورة النساء آية: ٥١.

<<  <   >  >>