للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب قول الله تعالى: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} ١ الآية (١)

قال ابن حزم: اتفقوا على تحريم كل اسم معبد لغير الله (٢) .

ــ

أول الآية: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ} ٢ يعني من أبينا آدم،: {وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا} يعني حواء: {لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا} ويألفها، يمتن تعالى على عباده بذلك. وقيل في قوله: {فَلَمَّا تَغَشَّاهَا} وطئها ": {حَمَلَتْ حَمْلاً خَفِيفاً} ٣ لم يثقلها إنما هو نطفة وعلقة ومضغة،: {فَمَرَّتْ} استمرت عليه واستخفته: {فَلَمَّا أَثْقَلَتْ} كبر في بطنها وصارت ذات ثقل بحملها،: {دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آتَيْتَنَا صَالِحاً} ٤ بشرا سويا: {لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} لك على هذه النعمة المتجددة،: {فَلَمَّا آتَاهُمَا صَالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكَاءَ فِيمَا آتَاهُمَا} ٥ فلم يؤديا شكرها على الوجه المرضي، بل أشركا في طاعة الله، كما روي بتسميته عبد الحارث (إبليس) ، وكان اسمه في الملائكة الحارث، ثم استطرد من ذكر الشخص إلى الجنس فقال: {فَتَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ} ٦ أي تنزه الله من إشراك كل مشرك في عبادته وطاعته. وروى الترمذي عن سمرة مرفوعا: " لما ولدت حواء طاف بها إبليس وكان لا يعيش لها ولد، فقال: سميه عبد الحارث فإنه يعيش، فسمته عبد الحارث فعاش فكان ذلك من وحي الشيطان وأمره " ٧. لكن قال ابن كثير: معلول من ثلاثة أوجه، وساق الروايات عن الحسن بغير هذا، وقال: هذه أسانيد صحيحة وهو من أحسن التفاسير، وأولى ما حملت عليه الآية.

لأنه شرك في الربوبية والإلهية، فإن الخلق كلهم ملك لله وعبيد له، استعبدهم لعبادته وحده، وتوحيده في ربوبيته وإلهيته، والعبودية عبوديتان: عبودية عامة كقوله: {إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً} ٨. وعبودية =


١ سورة الأعراف آية: ١٩٠.
٢ سورة الأعراف آية: ١٨٩.
٣ سورة الأعراف آية: ١٨٩.
٤ سورة الأعراف آية: ١٨٩.
٥ سورة الأعراف آية: ١٩٠.
٦ سورة الأعراف آية: ١٩٠.
٧ الترمذي: تفسير القرآن (٣٠٧٧) , وأحمد (٥/١١) .
٨ سورة مريم آية: ٩٣.

<<  <   >  >>