للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[باب ما جاء في "لو"]

...

باب ما جاء في (اللو) (١)

وقول الله تعالى: {قُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} ١. الآية (٢) . وقوله: {الَّذِينَ قَالُوا لإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا} ٢ الآية (٣) .

ــ

(١) أي من الوعيد والنهي عنه، والذم لمن عارض به عند الأمور المكروهة كالمصائب إذا جرى بها القدر، لما فيه من الإشعار بعدم الصبر، والأسى على ما فات مما لا يمكن استدراكه، والمضادة لكمال التوحيد، فالممنوع في (لو) التلهف على أمور الدنيا طلبا أو هربا، لا تمني القربات.

(٢) أي يسر بعض المنافقين هذه المقالة في أنفسهم يوم أحد، معارضة للقدر. وروى ابن إسحاق وابن أبي حاتم عن الزبير: لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اشتد الخوف، أرسل الله علينا النوم، فما منا رجل إلا ذقنه في صدره، قال فوالله إني لأسمع قول معتب بن قشير - ما أسمعه إلا كالحلم -: {لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ مَا قُتِلْنَا هَاهُنَا} ٣ فحفظتها منه، وفي ذلك أنزل الله هذه الآية، لقول معتب، ورد الله عليهم بقوله: {قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلَى مَضَاجِعِهِمْ} ٤. أي هذا قدر مقدر من الله، حتم لازم لا محيد عنه، والتلهف وقول " لو " لا يجدي إلا الحزن والتحسر، مع ما يخالط التوحيد من المعاندة للقدر الذي لا يكاد يسلم منها من وقع منه إلا من شاء الله.

(٣) وهذه أيضا معارضة للقدر من المنافقين بقولهم لمن خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: لو سمعوا مشاورتنا عليهم بالقعود وعدم الخروج ما قتلوا مع من قتل، قال الله تعالى: {قُلْ فَادْرَأُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ} ٥ أي إذا كان القعود =


١ سورة آل عمران آية: ١٥٤.
٢ سورة آل عمران آية: ١٦٨.
٣ سورة آل عمران آية: ١٥٤.
٤ سورة آل عمران آية: ١٥٤.
٥ سورة آل عمران آية: ١٦٨.

<<  <   >  >>