للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب قول الله تعالى: {يظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجَاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنَا مِنَ الأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} ١ الآية.

ــ

(١) أراد - رحمه الله تعالى - بهذه الترجمة التنبيه على وجوب حسن الظن بالله؛ لأنه من واجبات التوحيد. وأول الآية: {ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعَاساً يَغْشَى طَائِفَةً مِنْكُمْ وَطَائِفَةٌ} ٢. وهم أهل الإيمان والثبات والتوكل، الجازمين بأن الله ينصر رسوله، ويظهر دينه على الدين كله: {طَائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ} ٣ لا يغشاهم النعاس من القلق والجزع والخوف: {يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ} ٤ وهو التكذيب بالقدر وأن الأمر لو كان إليهم - وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه تبعا لهم، يسمعون منهم - لما أصابهم القتل، ولكان النصر والظفر لهم، فأكذبهم الله عز وجل في هذا الظن الباطل الذي هو ظن الجاهلية، وهو الظن المنسوب إلى أهل الجهل، الذين يزعمون بعد نفوذ القضاء والقدر أنهم كانوا قادرين على دفعه، وأن الأمر لو كان إليهم لما نفذ القضاء. ولما قيل لعبد الله بن أبي: قتل بنو الخزرج اليوم، قال: وهل لنا من الأمر من شيء؟ أي لو كان الأمر إلينا ما أصابهم القتل، فأكذبهم الله بقوله: {قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ} ٥ فلا يكون إلا ما سبق به قضاؤه وقدره، وجرى به كتابه السابق، وهذه الآية كقوله: {بَلْ ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَنْقَلِبَ الرَّسُولُ وَالْمُؤْمِنُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ أَبَداً وَزُيِّنَ ذَلِكَ فِي قُلُوبِكُمْ وَظَنَنْتُمْ ظَنَّ السَّوْءِ} ٦ وقد ظن هؤلاء المنافقون أن المشركين لما ظهروا تلك الساعة أنها الفيصلة، وأن الإسلام قد باد وأهله، وهذا شأن أهل الريب والشك إذا حصل أمر من الأمور الفظيعة، تحصل لهم هذه الأمور الشنيعة.


١ سورة آل عمران آية: ١٥٤.
٢ سورة آل عمران آية: ١٥٤.
٣ سورة آل عمران آية: ١٥٤.
٤ سورة آل عمران آية: ١٥٤.
٥ سورة آل عمران آية: ١٥٤.
٦ سورة الفتح آية: ١٢.

<<  <   >  >>