للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب ما جاء في كثرة الحلف (١)

وقول الله تعالى: {وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ} ١ (٢) . عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " الحلف منفقة للسلعة، ممحقة للكسب " ٢. أخرجاه (٣) .

ــ

(١) أي من النهي عنه والوعيد لفاعليه، لما يترتب عليه من منافاة كمال التوحيد الواجب، والحلف بفتح المهملة وكسر اللام اليمين.

(٢) قال ابن عباس: يريد لا تحلفوا. وقال ابن جرير: لا تتركوها بغير تكفير. وقال آخرون: احفظوا أيمانكم عن الحنث فلا تحنثوا. وأراد المصنف من الآية ما قاله ابن عباس، وكلها متلازمة، فإنه يلزم من كثرة الحلف كثرة الحنث، مع ما يدل عليه من الاستخفاف بالله، وعدم التعظيم له وغير ذلك مما ينافي كمال التوحيد الواجب.

(٣) منفقة بفتح الميم والفاء مفعلة من النفاق بفتح النون، وهو الرواج ضد الكساد، والسلعة بكسر السين المتاع، أي الحلف نفاق ورواج للسلع، وممحقة بفتح الميم والحاء، والمحق هو النقص والمحو، ومحق الله الشيء أذهب بركته، والمعنى أنه إذا حلف على سلعة أنه أعطي فيها كذا وكذا، أو أنه اشتراها بكذا وكذا، وقد يظنه المشتري صادقا فيما حلف عليه، فيأخذها بزيادة على قيمتها، والبائع كاذب في ذلك، وإنما حلف طمعا في الزيادة، فيكون قد عصى الله، فيعاقب بمحق البركة، فإذا ذهبت بركة كسبه دخل عليه من النقص أعظم من تلك الزيادة التي =


١ سورة المائدة آية: ٨٩.
٢ البخاري: البيوع (٢٠٨٧) , ومسلم: المساقاة (١٦٠٦) , والنسائي: البيوع (٤٤٦١) , وأبو داود: البيوع (٣٣٣٥) , وأحمد (٢/٢٣٥ ,٢/٢٤٢ ,٢/٤١٣) .

<<  <   >  >>