للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

باب ما جاء في الذبح لغير الله (١)

وقول الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لا شَرِيكَ لَهُ ــ} ١ الآية (٢) .

ــ

(١) أي من الوعيد على ذلك، وبيان أنه شرك أكبر ناقل عن الملة؛ لأنه عبادة من أجل العبادات، وقربة من أفضل القربات المالية، فصرفه لغير الله شرك، كمن يذبح لقبر أو شجرة أو حجر أو ملك أو نبي أو جني أو لطلعة سلطان أو للزيران أو غير ذلك.

(٢) أي قل يا محمد لهؤلاء المشركين، الذين يعبدون غير الله، ويذبحون لغيره: {إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي} ٢ أي ذبحي، والناسك المخلص لله {وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي} أي ما أحيا عليه وما أموت عليه، من الإيمان والعمل الصالح لله رب العالمين خالصا لوجهه: {لا شَرِيكَ لَهُ} في شيء من ذلك، ولا في غيره من أنواع العبادة، فالصلاة أجل العبادات البدنية، والنسك أجل العبادات المالية، فمن صلى لغير الله فقد أشرك، ومن ذبح لغير الله فقد أشرك، ومطابقة الآية للترجمة أن الله تعبد عباده بأن يتقربوا إليه بالنسك، كما تعبدهم أن يتقربوا إليه بالصلاة، وإذا تقربوا إلى غيره بالذبح فقد جعلوا له شريكا في عبادته، وهو ظاهر في قوله: {لا شَرِيكَ لَهُ} نفى أن يكون لله شريك في هذه العبادات. وقوله: {وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} ٣ أي من هذه الأمة؛ لأن إسلام كل نبي متقدم على قومه، فدلت هذه الآية أن أقوال العبد وأفعاله الظاهرة والباطنة لا يجوز صرف شيء منها لغير الله، ومن صرف منها شيئا لغير الله فقد أشرك، والقرآن كله يدل على ذلك.


١ سورة الأنعام آية: ١٦٢-١٦٣.
٢ سورة الأنعام آية: ١٦٢.
٣ سورة الأنعام آية: ١٦٣.

<<  <   >  >>