للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الإجماع المتيقن على قبول هذه الأحاديث وإثبات صفات الرب تعالى والأمور العلمية الغيبية بها فيقول ابن القيم: "فهذا لا يشك فيه من له خبرة بالمنقول، فإن الصحابة هم الذين رووا هذه الأحاديث، وتلقَّاها بعضهم عن بعض بالقبول ولم ينكرها أحد منهم على مرادها، ثم تلقاها عنهم جميع التابعين من أولهم إلى آخرهم، ومَنْ سمعها منهم تلقَّاها بالقبول والتصديق لهم، ومن لم يسمعها منهم تلقاها عن التابعين كذلك، وكذلك تابع التابعين عن التابعين. هذا أمر يعلمه ضرورة أهل الحديث، كما يعلمون عدالة الصحابة وصدقهم وأمانتهم، ونقلهم ذلك عن نبيهم كنقلهم الوضوء والغسل من الجنابة وأعداد الصلوات وأوقاتها ونقل الأذان والتشهد والجمعة والعيدين، فإن الذين نقلوا هذا هم الذين نقلوا أحاديث الصفات، فإن جاز عليهم الخطأ والكذب في نقلها جاز عليهم ذلك في نقل غيرها مما ذكرنا، وحينئذ فلا وثوق لنا بشيء نقل لنا عن نبينا صلى الله عليه وسلم ألبتة وهذا انسلاخ من الدين والعلم والعقل (١) .

تعقيب:

وبعد عرضنا الأدلة الدالة على وجوب الآخذ بخبر الآحاد في العقائد، فالحق الذي لا يجوز العدول عنه أن أخبار الآحاد الصحيحة كما تقبل في الفروع تقبل في الأصول. وبهذا نعلم أن ما أطبق عليه أهل الكلام ومن تبعهم من أن أخبار الآحاد لا تقبل في العقائد، ولا يثبت بها شيء من صفات الله، زاعمين أن أخبار الآحاد لا تفيد اليقين وأن العقائد لا بد فيها من اليقين باطل لا يعول عليه، ويكفي من ظهور بطلانه أنه يستلزم ردَّ الروايات الصحيحة


(١) أصل الاعتقاد / ٧٧. مختصر الصواعق ٢/ ٥٠٢ مذكرة في أصول الفقه للشنقيطي/ ١٢٥.

<<  <   >  >>