للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الأولى: أن الدوافع التي دفعت هذا الرجل وأمثاله ليقول لهذا الصحابي: حدثنا بالقرآن دوافع غامضة، فهل هو دافع الرغبة في تحصيل قدر أكبر من أسرار القرآن؟ أو هو دافع الاقتصار على ما في القرآن واستبعاد ما في السنة؟ أو هو دافع الجهل بموقع السنة من هذا الدين؟ أو هو دافع الارتياب والشك في ثبوت السنة؟ أو هي هذه الدوافع كلها؟!

الثانية: أن هذا الرجل ليس وحده الذي يقول هذا، بل من ورائه آخرون يرون الرأي نفسه، بدليل قول عمران له: "أنت وأصحابك" لكن يبدو أن لا تأثير لهم في ذلك العهد لأنهم مازالوا في طور النشأة.

الثالثة: أن هذا الرجل ليس ذا طوية خبيثة، ولو كان كذلك لما تراجع عن فكرته بعد محاورة عمران له، ولما قال له ممتنَّاً: "أحييتني أحياك الله" وإنما وقع فريسة الجهل بمكانة السنة النبوية وبأثرها المحمود في تسديد مسار المسلم في الحياة.

ومن أعلام النبوة: ما أشار إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من وجود ظاهرة التشكيك في سنته؛ فقد روى أبو داود وغيره عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن، فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه"، الحديث ... (١) .

واستمرت الظاهرة في تصاعد مع مرور الزمن حتى جعلتها طوائف


(١) رواه أبو داود في كتاب السنة باب في لزوم السنة.

<<  <   >  >>