للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

كما ردوه إذا ورد مخالفا للأصول، قال الدبوسي: "الأصل عند أصحابنا أن خبر الآحاد متى ورد مخالفا لنفس الأصول مثل ما روي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه أوجب الوضوء مِنْ مَسِّ الذكر، لم يقبل أصحابنا هذا الخبر لأنه ورد مخالفاً للأصول؛ لأنه ليس في الأصول انتقاض الطهارة بمس بعض أعضائه" (١) .

وقضية مخالفة خبر الواحد للأصول لم تُسَلَّمْ لفقهاء المذهب الحنفي وأصوليِّيه، ومثلهم فقهاء المذهب المالكي وأصوليوه، إذ كيف يكون خبر الواحد مخالفا للأصول، وهو نفسه من الأصول؟! فقد وجدت للعلماء نصوصا تثبت أن خبر الواحد أصل بنفسه، والأصل لا تجوز مخالفته، فقد قال الإمام الشافعي: "وتثبيت خبر الواحد أقوى من أن أحتاج إلى أن أمثله بغيره؛ بل هو أصل في نفسه" (٢) ، ومثله قول ابن حزم في رده على بعض الحنفيين: "وأما قولهم: مخالف للأصول، فكلام فاسد فارغ من المعنى واقع على ما لا يعقل؛ لأن خبر الواحد الثقة المسند أصل من أصول الدين، وليس سائر الأصول أولى بالقبول منه، ولا يجوز أن تتنافى أصول الدين" (٣) .

وبالرغم من وجود هذا الشبه الظاهري في ظاهرة الرفض، فإن علماء الحنفية وغيرهم ممن ردوا بعض أخبار الآحاد يختلفون منهجا واعتقادا مع الرافضين لمبدأ الحجية نفسها.


(١) تأسيس النظر ص ١٥٦.
(٢) الرسالة ص ٣٨٤.
(٣) الإحكام ١/١٠٥.

<<  <   >  >>