للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بل إن إيجاب العمل بخبر الواحد يستلزم عنده إفادته للعلم، فكأنه يلزم الجمهور القائلين بوجوب العمل بخبر الواحد بالقول بإفادته للعلم، ولا يتردد في اعتبار " كل من يقول بإيجاب العمل بخبر الواحد وأنه مع ذلك ظن لا يقطع بصحة غيبه ولا يوجب العلم، قائلا بأن الله تعالى تعبَّدنا أن نقول عليه تعالى ما ليس لنا به علم، وأن نحكم في ديننا بالظن الذي قد حرم تعالى علينا أن نحكم به في الدين، وهذا عظيم جدا" (١) .

وانتصر ابن القيم رحمه الله لهذا القول (٢) ، وربط المسألة بتحكيم رسول الله صلى الله عليه وسلم في جميع الشؤون بناء على قول الله تعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} [النساء: ٦٥] فمن ادعى أن خبر الواحد لا يفيد العلم فهو"بمعزل عن هذا التحكيم".

كما ربطها برد المتنازعين ما تنازعوا فيه إلى الله ورسوله بناء على قوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} [النساء: ٥٩] فإن كانت أخبار الآحاد "لا تفيد علما ولا يقينا لم يكن للرد إليه وجه" (٣) .

وإذا كان الاتجاه العام عند أهل الحديث أن خبر الواحد يفيد العلم، فإن قولهم أولى بالقبول والصواب من قول غيرهم؛ فهم أهل الاختصاص،


(١) السابق ١/١١٣.
(٢) مع أنه استدل على إفادة خبر الواحد للعلم بنفس الأدلة التي استدل بها الشافعي وغيره على إيجاب العمل بخبر الواحد. انظر: مختصر الصواعق المرسلة ص ٤٧٧ وما بعدها.
(٣) مختصر الصواعق المرسلة ص ٤٥١.

<<  <   >  >>