للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والإمام الغزالي يقول بعد نفيه إفادة خبر الواحد للعلم: "وما حُكي عن المحدثين من أن ذلك يوجب العلم فلعلهم أرادوا أنه يفيد العلم بوجوب العمل؛ إذ يسمى الظن علما" (١) .

وقد قرر هذا المعنى قبله الإمام الباجي مدعيا أن الغلط إنما دخل على القائلين بإفادة خبر الواحد للعلم " من أن العمل بأخبار الآحاد معلوم وجوبه بالقطع واليقين، وأما ما يتضمنه من أخبار فمظنون، فلم يتميز لنا العلم بوجوب العمل من العلم بصحة الخبر" (٢) .

وأوَّلَ بعضهم مذهب المحدثين بأنهم يقصدون أن الخبر يفيد العلم بمعنى الظن محتجين بأن العلم قد يأتي بمعنى الظن كما في قوله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: ١٠] (٣) .

والإمام ابن تيمية رحمه الله، وإن كان توجهه العام أن خبر الواحد يفيد العلم، لا يمانع في كون بعض الأخبار تفيد ظناً قد يتحول إلى علم بوجود مؤيدات لتلك الأخبار، وقد يتحول ذلك الظن إلى أوهام مع انعدام مؤيدات لتلك الأخبار، فقد نقل عنه ابن القيم رحمه الله قوله: "والآحاد في هذا الباب قد تكون ظنوناً بشروطها، فإذا قويت صارت علوما، وإذا ضعفت صارت أوهاماً وخيالات فاسدة" (٤) .


(١) المستصفى ١/١٤٥.
(٢) إحكام الفصول ص ٣٢٤.
(٣) انظر الإحكام للآمدي ٢/٤٩.
(٤) مختصر الصواعق المرسلة ص ٤٦٥.

<<  <   >  >>