للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} ١، وإذا كان كذلك فحقيقة الشفاعة كلها لله، فلا تسأل في هذه الدار إلا منه سبحانه وتعالى، وأن يشفع فيه ٢ نبيه صلى الله عليه وسلم، فجميع الأنبياء والأولياء لا يجعلون وسائل ولا وسائط بين الله وبين الخلق في جلب الخير أو دفع الشر، ولا يجعل لهم من حقه شيء، لأن حقه تعالى وتقدس غير جنس حقهم، فإن حقه عبادته بأنواعها بما شرع في كتابه، وعلى لسان رسوله، وحق أنبيائه عليهم السلام الإيمان بهم وبما جاءوا به، وموالاتهم وتوقيرهم، وإتباع النور الذي أنزل معهم، ومحبتهم على النفس والمال والبنين والناس أجمعين، وعلامة الصدق في إتباع هديهم، والإيمان بما جاءوا به من عند ربهم. قال تعالى: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} ٣ والإيمان بمعجزاتهم، وأنهم بلغوا رسالات ربهم، وأدوا الأمانة، ونصحوا الأمة، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم خاتمهم وأفضلهم، وإثبات شفاعتهم التي أثبتها الله في كتابه، وهي من بعد إذنه لمن رضي عنه أهل التوحيد. وأما المقام المحمود الذي ذكره الله في كتابه وعظم شأنه فهو لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.


١ سورة الأنبياء آية ٢٨.
٢ أي في السائل.
٣ سورة آل عمران ٣١.

<<  <   >  >>