للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يظهر به قوة العناية بالمتن لديهم أنَّ نقد السند عندهم شرْط لصحة المتن، فيتبين بهذا أنّ نقد السند في منهجهم إنما هو لصالح نقد المتن، وإلا لما احتاجوا إلى النظر في السند أصلاً!.

ومسالك نقد المتن عندهم أسهل من مسالك نقد السند، وبناء على هذا يمكن أن يشاركهم غيرهم في قدرٍ أو مستوىً مِنْ نقْد المتن، بخلاف نقد السند فلا يَقْدر عليه غيرُهم، وإن كانت قواعد النظر في السند عندهم –مع صعوبتها- أكثر اطراداً، وأوضح في ضوابطها من القواعد الخاصة بالمتن – فيما يبدو لي – والله أعلم.

ولا نستطيع أن نقول في نقد السند والمتن: إنَّ أحدهما هو الأساس بل كلاهما نقده أساس للتعرف على صحة الرواية.

على أن دراسة السند تسبق دراسة المتن"١"،


"١" على أن نقد المتن في الحديث النبوي الشريف، يُعَدُّ أسبق في الوجود من نقد السند، إذ كانت الحاجة في أول الأمر تدعو إلى نقد المتن دون السند فكانت لهم مقاييس معينة في جانب النظر في المتن، بينما لم يتعرضوا لنقد السند لقربهم من المصدر –رسول الله صلى الله عليه وسلم- فلم يكن بينهم وبينه إسناد وكانوا جميعاً عدولاً. ولعل مما يشهد بأنهم – من حيث التاريخ- نقدوا المتن أوّلاً مثلُ كتاب الزركشي (الإجابة لإيراد ما استدركته عائشة على الصحابة)) فيكاد يكون كله في المتن وليس في السند.
(أخذْتُ فكرة أسبقية نقْد المتن من حيث الوجود عن بحثٍ غير منشور لتلميذي المجدّ فتح الدين بيانوني) .

<<  <   >  >>