للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأهله، وتشويه الدين الإسلامي حتى يحجبوا قومهم عنه، ويشككون المسلمين في دينهم وعقيدتهم وثوابتهم، حتى يسهل تنصلهم منه، وانفلاتهم منه، حتى يتمكنوا فيما يظنون من تنصيرهم.

وهذا ليس غريباً على الأعداء، فهذا دأبهم ومسلكهم وموقفهم من الحق، فقد حاول اليهود قتله عليه الصلاة والسلام، والبوا عليه القبائل، وسعوا إلى إشاعة التشكيك في صحة القرآن، فقالوا {مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام:٩١] ، وقالوا {آمِنُوا بِالَّذِي أُنْزِلَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهَارِ وَاكْفُرُوا آخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [آل عمران:٧٢] .

هذه بعض محاولات متقدميهم وسابقيهم، فدرج الأبناء على ما درج عليه الآباء، صداً عن دين الله، وتشكيكاً لعباد الله.

وقد ركز أولئك المستشرقون على قضية واحدة دارت حولها كل افتراءاتهم وكلامهم، وهي إنكار نبوة النبي صلي الله عليه وسلم. فوجهوا في خدمة هذا الإنكار كل طاقاتهم وسهومهم، فمرة يصفون النبي عليه الصلاة والسلام بالهوس، ومرة يصفونه بالعبقرية، ومرة يصفونه بالسرقات العلمية من اليهود والنصارى، ومرة يزعمون أنه مصلح عظيم."١"

وهنا واجههم موضوع القرآن الكريم من أين مصدره، فأخذوا يتخبطون في بيان ذلك، فلم يتركوا مقالة يمكن أن تقال في ذلك إلا قالوها، فزعموا أنه أساطير الأولين من الوثنيين وغيرهم، وزعموا أنه خيال نفسي قوي يصيب النبي صلي الله عليه وسلم، وزعموا أنه مقتبس من التوراة والإنجيل، وقالوا إنه مأخوذ عن شعر أمية بن أبي الصلت، إلى غير ذلك من الدعاوى، التي لا أزمّة لها ولا أعنّة، بل يشعر قارئها بأن كلامهم إهانة لصفة العلم، التي إينتحلوها، وأنهم إنما هم مجموعة


"١" انظر بعض كلامهم في: مناهج المستشرقين ص٢٦-٣٢.

<<  <   >  >>