للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[سر الاقتصاد في الصور الخيالية]

...

فالشاعر أحسن اختيار أفكاره ومعانيه، ووفق في التعبير عنها تعبيرا يشهد له بالبراعة والتفوق، وأنه أوتي حظا من دقة الحس ورهافة الشعور وصدق التجربة.

على أن الشاعر لم يلجأ إلى الإفراط في الصور الخيالية وإنما نجده يقتصد في استعمالها لأنه مشغول بهول الموقف وخطورته، عن التألق في الصياغة والبراعة في الأداء.

ويرى بعض الباحثين أن عملية الإبداع في رسم الصور الفنية تكاد تكون مسألة ثانوية في هذه القصيدة، أو الرسالة التي أراد أن يبعث بها إلى قومه، ثم إن عمله في ديوان كسرى أثر على صياغته الشعرية، فهي صياغة تخاطب العقل وتستثير العاطفة.١

ومع ذلك لم تخل القصيدة من الصور الفطرية المتنوعة التي تجئ عفو الخاطر ونلمح فيها أثر الطبع، مما يكشف عن حس شاعر وذوق فنان وتمكن من العبارة واقتدار على التصوير والتمثيل، وكانت الصور التي أتى بها قوية التأثير، وسر قوتها أنه يستمدها من البيئة المألوفة له ولمن حوله، وأنه يراعي فيها الدقة والإحكام حتى تؤدي المعنى كما يحس به، وكما يريد أن ينقله إلى إحساس السامعين،


١ يراجع الشعر الجاهلي د. محمد عويس: صـ ١٠١.

<<  <   >  >>