للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[زهير يمثل المديح في أصلة الطاهر]

...

فزهير في مديحه كما يقول بعض الباحثين: مثل المديح العربي في أصله الصافي الطاهر، حين كان يصدر عن إعجاب حقيقي بأبطال حيقيقين وتصهره نار الصدق في مضمونه وأدائه معًا، فلا يتكلف عاطفة ولا يغالي في تعبير٢.

كما أنه كان يعتز بفنه في مجال المديح، لأن الناس سيرددونه من بعده فهو ينشر المحامد، ويذيع الفضائل ويكسو ممدوحه حللًا من الثناء تبقي على الدهر يرويها الناس جيلًا بعد جيل، وذلك حين يقول٣:

سترحل بالمطي قصائدي ... حتى تحل على بني ورقاء

مدحًا لهم يتوارثون ثناءها ... رهن لآخرهم بطول بقاء

فهو يتنبأ ببقاء شعره وخلوده على الزمان، وهذا ما قاله عمر بن الخطاب رضي الله عنه, حيث قال لبعض ولد هرم: أنشدني بعض ما قال زهير فيكم فأنشده، فقال عمر: لقد كان يقول فيكم فيحسن, فقال: يا أمير المؤمنين إنا كنا نعطيه فنجزل، فقال عمر قولة الناقد البصير، الذي تذوق الشعر ويدرك مدى تأثيره وسر بقائه: ذهب ما أعطيتموه وبقي ما أعطاكم٤.


٢ الشعر الجاهلي: د النهويهي: صـ ٦١٧.
٣ شرح ديوان زهير: صـ ٣٨١.
٤ السابق: صـ١٠.

<<  <   >  >>