للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ظهر شخصية الشنفرى من خلال لاميته]

...

فقد حمت الحاجات والليل مقمر ... وشدت لطيات مطايا وأرحل

ولم يحاول أحد من النقاد سواء أكان من العرب أم من العجم المستشرقين أن يقارن بين القصيدتين فبينهما بون شاسع بحيث لا تصلح المقارنة بينهما، وإذا جاز لأحد أن يقارن بينهما فإنما يكون ذلك من باب المقارنة بين السيف والعصا، على حد قول القائل:

ألم تر أن السيف ينقص قدره ... إذا قيل هذا السيف خير من العصا

وعلى كل فإن إنشاد الطغرائي للاميته هذه إنما يوحي بمدى الصراع والتنافس الذي كان بين العرب والعجم آنذاك.

٣ على أننا نستيطع أن نتلمس شخصية الشنفرى ونتمثلها واضحة من خلال قصيدته تلك, فقد كان الشنفرى من أغربة العرب الذين تسرب إليهم السواد من أمهاتهم الإماء، وشبهوا بالأغربة في لونهم, وكان العرب يكرهون السواد من كل شيء؛ لأنه يرمز عندهم إلى لون من السلالة المتخلفة التي لا تصلح لما يصلح له الأحرار, وقد نشأ صاحبنا مستعبدا في بني سلامان، تتدافعه القبائل وتزدريه, فشب يحمل عقدة الولادة ويرى ازدراء الناس له من غير ما ذنب جناه حتى


١ يراجع في ذلك البحث القيم الذي نشره الدكتور عبد الحليم حفني تحت عنوان: شاعر الصعاليك، ص١٠٥ المطبعة النموذجية ١٩٧٦.

<<  <   >  >>