للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وربط العلم والتقنية بالقيم الخلقية هو الجوهر الأساس لوسطية الإسلام بعد توحيد الله والإيمان بالغيب، ويطلق على هذه القيم: الأخلاق والأدب وتزكية النفس، لذلك نرى اهتمام الحضارة الإسلامية بالجانب السلوكي والتربوي للرفع من مستوى الإنسان المسلم في جميع مناحي حياته وتصرفاته، فالأدب كما يقول ابن القيم:" هو الدين كله " (١) ويقول عكرمة مولى عبد الله ابن عباس: " لكل شيء أساس، وأساس الإسلام الخلق الحسن" (٢) . وحقيقة الأدب اجتماع خصال الخير، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أدبني ربي فأحسن تأديبي» . وقال له ربه: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} . وما بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلا ليتمم مكارم الأخلاق كما جاء في الحديث الشريف. والأدب يكون أولا مع الله ومع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومع الخلق: بشرا وحيوانا ونباتا وجمادا، لذلك فإن وسطية الإسلام تبرز بشكل قوي في هذه الشبكة العظيمة للأخلاق والآداب التي تحيط بالإنسان في جميع أحواله وعلى جميع مقاماته ومستوياته ومختلف مسؤولياته، كما أحاطت الإنسان المسلم بأدعية وأذكار وكلها مرتبط بإصلاح الباطن. ومضمون تلك القيم يجعل المسلم


(١) مدارج السالكين ٣٨٤ / ٢.
(٢) مشكلة الثقافة ص ٨١ للأستاذ مالك بن نبي - دار الفكر المعاصر - بيروت- دار الفكر - دمشق- ط٤- سنة ١٤٢٠هـ / ٢٠٠٠م.

<<  <   >  >>