للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج: أما تعريفها ودليلها والسبب في شرعيتها، فتقدم في جواب سؤال سابق، ولا يخرج لشكه في النية لعلمه أنه ما دخل إلا بها، ولا تسقط بحال، وشرطها الإسلام والعقل والتمييز وعلم بمنوى كسائر العبادات، وزمنها أول العبادة أو قبله بيسير، والأفضل قرنها بالتكبير، وكيفيتها اعتقاد القلب، والنية التي يتكلم عليها العلماء نوعان: نية المعمول له، ونية نفس العمل؛ أما الأول: فهو الإخلاص الذي يقبل الله عملاً خلا منه بأن يقصد العبد بعمله رضوان الله وثوابه، وضده العمل لغير الله أو الإشراك به في العمل بالرياء، وهذا النوع لا يتوسع فيه الفقهاء بالكلام عليه، وإنما يتوسع به أهل الحقائق وأعمال القلوب، وإنما يتكلم الفقهاء على النوع الثاني وهو نية العمل، فهذا له مرتبتان: إحداهما: تمييز العادة عن العبادة؛ لأنه مثلاً غسل الأعضاء والإمساك عن الأكل ونحوهما تارة يقع عادة وتارة عبادة، فلابد من نية العبادة، لأجل أن تتميز عن العادة، ثم المرتبة الثنية إذا نوى العبادة فلا يخلو إما أن تكون مطلقة كالصلاة المطلقة والصوم المطلق، فهذا يكفي فيه نية مطلق تلك العبادة؛ وإما أن تكون مقيدة كصلاة الفرض والرابة والوتر، فلابد مع ذلك من نية ذلك المعين، لأجل تمييز العبادات بعضها عن بعض.

[س ١٩٦: إذا أحرم مأموم مع الإمام ثم نوى الانفراد؛ فهل يسوغ له ذلك؟]

ج: إن كان لعذر يبيح ترك الجماعة كتطويل إمام وكمرض وكغلبة نعاس أو غلبة شيء يفسد صلاته كمدافعة أحد الأخبثين، أو خوف على أهل أو مال، أو خوف فوت رفقة، أو خرج من الصف مغلوبًا لشدة زحام ولم يجد من يقف معه صح انفراده فيتم صلاته منفردًا لحديث جابر قال: «صلى معاذ بقومه فقرأ سورة البقرة فتأخر رجل فصلى وحده، فقيل له: نافقت، قال: ما نافقت، ولكن لآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال: «أفتان أنت يا معاذ» مرتين» متفق عليه. وكذا لو نوى الإمام الانفراد لعذر ومحل إباحة المفارقة لعذر إن استفاد تعجيل

<<  <  ج: ص:  >  >>