للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك؛ فإن كان التصرف غير مستأنف كالفسخ لعيب فيما اشتراه قبل الحجز أو الإمضاء أو الفسخ فيما اشتراه قبله بشرط الخيار، صح؛ لأنه إتمام لتصرف سابق حجره فلم يمنع منه كاسترداد وديعة أودعها قبل حجره، ولا يتقيد بالأحظ وتصرفه قبل الحجر عليه صحيح ولو استغرق دَينه جميع ماله؛ لأنه رشيد غير محجور عليه؛ ولأن سبب المنع الحجر فلا يتقدم سببه ويحرم إن أضر بغريمه، وقيل: لا ينفذ تصرفه ذكره الشيخ تقي الدين وحكاه رواية واختاره، وسأله جعفر من عليه دَين يتصدق بشيء؟ قال: الشيء اليسير، وقضاء دَينه أوجب عليه. قلت: وهذا القول هو الصواب خصوصًا وقد كثرت حيل الناس، وجزم به في القاعدة الثالثة والخمسين، انتهى من «الإنصاف».

وقال ابن القيم: إذا استغرقت الديون ماله لم يصح تبرعه بما يضر بأرباب الديون سواء حجر عليه الحاكم أو لم يحجر عليه، هذا مذهب مالك، واختاره شيخنا وهو الصحيح، وهو الذي لا يليق بأصول المذهب غيره، بل هو مقتضى أصول الشرع وقواعده؛ لأن حق الغرماء قد تعلق بماله، ولهذا يحجر عليه الحاكم، ولولا تعلق حق الغرماء بماله لم يسع الحاكم الحجر عليه فصار كالمريض مرض الموت، وفي تمكين هذا المدين من التبرع إبطال حقوق الغرماء والشريعة لا تأتي بمثل هذا؛ فإنما جاءت بحفظ حقوق أرباب الحقوق بكل طريق وسد الطرق المفضية إلى إضاعتها. اهـ. ولا يصح أن يبيع المفلس ماله لغرمائه كلهم أو بعضهم بكل الدَين؛ لأنه ممنوع من التصرف فيه فلم يصح بيعه، كما لو باعه بأقل من الدين؛ ولأن الحاكم لم يحجر عليه إلا لمنعه من التصرف والقول بصحة التصرف يبطله، وهذا بخلاف بيع الرهن للمرتهن؛ لأنه لا نظر للحاكم فيه بخلاف مال المفلس لاحتمال غريم غيرهم وعليه، فلو تصرف في استيفاء دين أو المسامحة فيه ونحوه بإذن الغرماء لم يصح ونقل المجدّ في شرحه أن كلام القاضي وابن عقيل يدل على صحته

<<  <  ج: ص:  >  >>