للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مما قدر له أي من المعقود عليه لرخص المسلم فيه اشترى لرب السلم بقدر سلمه ويردّ الباقي مما خرج له بالمحاصة على الغُرماء؛ لأنه لا مستحق له غيرهم ثم يقسم الحاكم أو أمينه ما بقي من مال المفلس بين باقي الغرماء لتساوي حقوقهم في تعلقها بذمة المفلس على قدر ديونهم؛ لأن فيه تسوية بينهم ومراعاة لكمية حقوقهم، فلو قضى الحاكمُ أو المفلسُ بعضهم لم يصح؛ لأنهم شركاؤه فلم يجز اختصاصه دونهم ولا يلزم الغرماء بيان أن لا غريم سواهم بخلاف الورثة لئلا يأخذ أحدهم ما لا حقَّ له فيه فاحتيط بزيادة استظهار؛ ولأن الورثة يستفيض أمرهم ولا يخفى غالبًا فلا يعسر بيانه ولا إنكار وجوده؛ فإن كان في الغرماء مَن له دين مؤجل لم يحلّ؛ لأن الأجل حق للمفلس فلا يسقط بفلسه كسائر حقوقه؛ ولأنه لا يوجب حلول ماله فلا يوجب حلول ما عليه ولم يوقف للدين المؤجل شيء من المال ولا يرجع رب الدين المؤجل على الغرماء إذا حلّ دينه بشيء؛ لأنه لم يستحق مشاركته حال القسمة فلم يستحق الرجوع عليهم بعد؛ لكن إن حلّ دينه قبل القسمة شاركهم لمساواته لهم، وإن حلّ دينه بعد قسمة البعض من المال شاركهم في الباقي من المال ويضرب فيه بجميع دَينه ويضرب باقي الغرماء ببقية ديونهم، وقيل: يحل دفعًا للضرر عن ربّه؛ ولأن الإفلاس يتعلق به الدَين بالمال فأسقط الأجل كالموت، وبه قال مالك، وعن الشافعي كالمذهبين.

وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس لإشتراك الجميع في وجوب الوفاء؛ ولأنه إنما دخل معه في المعاملة بحسب ما عنده من الموجودات وربما كان أحق من أصحاب الديون الحالة لكون مدينهم معسرًا عليهم إنظاره فلمّا استدان دينًا مؤجلًا صارمًا عند المدين أعيان مال صاحب الدين المؤجّل وأعواضه. وهذا مقتضى اختيار الشيخ تقي الدين؛ لأنه يرى أنه يحجر عليه وإن لم يحجر عليه الحاكم حفظًا لحقوق

<<  <  ج: ص:  >  >>