للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج: لا يحلّ الدَين المؤجل بجنون ولا موت؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «من ترك حقًا أو مالًا فلورثته» ولأن تعلق الدين بالمال لا يزيل الملك في حق الجاني والراهن والمفلس فلم يمنع نقله. ومحل ذلك إن وثق ورثتهُ ربَّ الدين أو وثق أجنبي ربَّ الدين بأقل الأمرين من قيمة التركة أو الدَين برهن أو كفيل مليء؛ لأن الأجل حق للميت فورث عنه كسائر حقوقه؛ فإن تعذر التوثق لعدم وارث بأن مات عن غير وارثٍ أو حلف وارثًا؛ لكن لم يوثق بذلك حل؛ لأن الورثة قد لا يكونون مليئين ولم يرض بهم الغريم فيؤدي إلى فوات الحق فلو ضمنه ضامن وحلّ على أحدهما لم يحلّ على الآخر ومثاله أن يموت الضامن للمؤجل؛ فإنه يحلّ عليه فقط إذا لم توثق ورثته أو مات المضمون وكان الضامن غير مليء؛ فإنه يحلّ على المضمون فقط بشرطه.

قال الشيخ تقي الدين في الأجرة المؤجلة: لا تحل بالموت في أصح قول العلماء، وإن قلنا: يحل الدين؛ لأن حلولا مع تأخير استيفاء المنفعة ظلم، وإن مات من عليه حال ومؤجَّل والتركة بقدر الحال أو أقل؛ فإن لم يوثق المؤجل حلَّ واشتركا، وإن وثق الورثة أو أجنبي لم يترك لرب المؤجّل شيء وكون ما على الميت من الديون المؤجّلة لا تحل بالموت إن وثق الورثة برهن يحرز أو كفيل مليء. من المفردات قال ناظمها:

ولا يَحِلُّ مَا عَلى المَديُون … بِمَوتِهِ مِن أجَلِ الدُّيونِ

وقيل: يحلُّ ما على الميت من الديون المؤجلة بموته، وهو قول الشعبي والنخعي وسوار ومالك والثوري وأصحاب الرأي والشافعي؛ لما روى ابن عمر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «إذا مات الرجل وله دين إلى أجل وعليه دين إلى أجل فالذي عليه حال، والذي له إلى أجله» ولأن الأجل جعل

<<  <  ج: ص:  >  >>