للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لمستحقه؛ فإن فرّط ضمن، ومتى عقل مجنون وبلغ صبي رشدًا ذكرين أو أنثيين انفك الحجر عنهما أمّا في الأول فلأن الحجر عليه كان لجنونه، فإذا زال وجب زوال الحجر كزوال علته؛ وأمّا في الثاني فلقوله تعالى: {وَابْتَلُوا اليَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ}، وقيل: لا يزول الحجر إلا بحكم حاكم، وبه قال مالك وبعض أصحاب الشافعي، واختاره القاضي وابن عقيل؛ لأنه موضع اجتهاد ونظر؛ فإنه يحتاج في معرفة البلوغ والرشد إلى اجتهاد فيوقف ذلك على حكم حاكم كزوال الحجر على السفيه، قال أهل القول الأول: إن اشتراط حكم الحاكم زيادة تمنع الدفع عند وجود الرشد حتى يحكم الحاكم، وهذا مخالف لظاهر النص؛ ولأنه حجر ثبت بغير حكم حاكم، فيزول بغير حُكمه كالحجر على المجنون؛ ولأن الحجر عليه إنما كان لعجزه عن التصرف في ماله على وجه المصلحة حفظًا لما له عليه فمتى بلغ ورشد زال الحجر لزوال سببه والذي تطمئن إليه النفس أنه ينفك الحجر بلا حكم حاكم لظاهِر الآية الكريمة. والله أعلم.

ومتى انفك الحجر عنهما دفع إليهما مالهما؛ لقوله تعالى: {فَإِنْْ آنَسْتُم مِّنْهُمْ رُشْداً فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} قال ابن المنذر: اتفقوا على ذلك وسن إعطاؤه ماله بإذن قاضٍ وإشهادٌ برشد ودفعٍ ليأمن التبعة واستحباب ذلك خوفًا من الإنكار، فلو أنكر الدفع إليه قبل قول الدافع، وقال القرطبي على قوله تعالى: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ}: وهذا الإشهاد مستحب عند طائفة من العلماء؛ فإن القول قول الوصي؛ لأنه أمين، وقالت طائفة: هو فرض وهو ظاهر الآية وليس بأمين فيقبل قوله كالوكيل إذا زعم أنه قد رد ما دفع إليه أو المودع وإنما هو أمين للأب ومتى ائتمنه الأب لا يقبل

<<  <  ج: ص:  >  >>