للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والذي يترجح عندي أنه مع لحوق الضرر بالموكل لا يصح. والله أعلم. وإن قال موكل لوكيله في بيع شيء: بعه، فباع بعضه بدون ثمن كله، لم يصح البيع لضرر الموكل بتشقيصه، ولم يأذن فيه نطقًا ولا عرفًا؛ فإن باع بعضه بثمن كله صح للإذن فيه عرفًا؛ لأن من رضي بالمائة مثلًا عن الكل رضيها عن البعض؛ ولأنه حصل له المائة وأبقى له زيادة تنفعه ولا تضره وله بيع باقيه بمقتضى الإذن أشبه ما لو باعه صفقة بزيادة على الثمن ما لم يبع الوكيل باقيه فبيع الأول موقوف؛ فإن بيع الباقي تبينًا صحة الأول وإلا تبيّنا بطلانه، وإن رضي مُوكله ببيع البعض صحَّ أو يكن ما وكّل في بيعه عبيدًا أو صبرة ونحوها مما لا ينقصه تفريق فيصح لاقتضاء العرف؛ لذلك وعدم الضرر على الموكل في الإفراد؛ لأنه لا نقص فيه ولا تشقيص ما لم يقل موكل لوكيله بع هذا صفقة لدلالة تنصيصه عليه على غرضه فيه، وكذا شراء فيصح شراء شيء واحد ممن أمر بشرائهما، ولو قال: اشتر لي عشرة شياة أو عشرة أمداد برًا وعشرة أرطال حرير؛ فإنه يصح أن يشتري له ذلك صفقة وشيئًا بعد شيء لا إن أمره بشرائهما صفقة فاشتراهما واحدصا بعد واحد، فلا يصح وإن قال: اشتر لي عبدين صفقة، فاشترى عبدين لإثنين مشتركين بينهما من وكيلهما أو من أحدهما بإذن الآخر جاز، وإن قال: بع هذا العبد بمائة فباع نصفه بالمائة صح البيع؛ لأن حصل غرضه وزاده زيادة تنفعه ولا تضره، وللوكيل بيع النصف الآخر؛ لأنه مأذون في بيعه فأشبه ما لو باع العبد كله بمثلي ثمنه. وإن قال: بعه بألف في سوق كذا، فباعه بالألف في سوق آخر، صح البيع؛ لأن القصد بيعه وتنصيصه على أحد السوقين مع استوائهما في الغرض إذن في الآخر كمن استأجر أو استعار أرضًا لزراعة شيء؛ فإنه إذن في زراعة مثله ما لم ينهه الموكل عن البيع في غيره، فلا يصح للمخالفة، ولا يصح إن كان للموكّل في السوق الذي عيّنه غرض صحيح إذا باع في غيره كحلِّ نقده

<<  <  ج: ص:  >  >>