للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كحمله إلى موضع كذا فتبين أن الإجارة قسمان: الأول: تقدم، وهو كون المدة معلومة، والثاني: كونها على عمل معلوم في الضربين، فالمعقود عليه المنفعة؛ لأنه التي تستوفي دون العين والعوض في مقابلتها، وإنما أضيف العقد للعين؛ لأنها محل المنفعة كما تضاف المساقاة للبستان والمعقود عليه الثمر، ولو قال: آجرتك منفعة داري جاز، والانتفاع من قبل المستأجر تابع لمنفعة المعقود عليه إذ المنفعة لا توجد عادة إلا عقبه، وتستحق الأجرة بالعقد على المنفعة وتسليم العين أو بذلها وإن لم ينتفع بها، ويستثنى من القسم الأول وهو كون المدة معلومة صورتان: إحداهما: تقدمت في الصلح، والأخرى: ما فتح عنوة ولم يقسم بين الغانمين فيما فعله عمر - رضي الله عنه - في أرض الخراج؛ فإنه وقف أرض ذلك على المسلمين، وأقرها في أيدي أربابها بالخراج الذي ضربه أجرة لها كل عام ولم يقدر مدتها لعموم المصلحة فيها.

وأركان الإجارة خمسة: المتعاقدان، والعوضان، والصيِّغة. وشروطها أربعة: الأول: أنها لا تصح الإجارة إلا من جائز التصرف؛ لأنها عقد معاوضة كالبيع، وتنعقد الإجارة بلفظ: آجرتك، وبلفظ: كراء كأكريتُك، واستأجرتُ، وأكتريتُ، وآجرتكها، وأكريتكها، وتنعقد بلفظ: أعطيتك نفع هذه الدار، أو ملكتُكَهُ سنة بكذا لحصول المقصود به، وكذا لو أضافه إلى العين: كأعطيتك هذه الدار سنة بكذا، وتنعقد بلفظ بيع إضافة إلى النفع نحو بعتك نفعها أو بعتك سكنى الدار ونحوه، أو أطلق؛ لأنها بيع فانعقدت به كالصرف؛ فإن أضيف إلى العين كبعتك داري شهرًا لم يصح، وقال الشيخ تقي الدين: التحقيق أن المتعاقدين إن عرَفا المقصودَ انعقدتْ بأي لفظٍ كان من الألفاظ التي عرف بها المتعاقدان مقصودهما، وهذا عام في جميع العقود؛ فإن الشارع لم يحدَ حدًا لألفاظ العقود، بل ذكرها مطلقة، وكذا قال ابن القيم رحمه الله في «أعلام الموقعين»، وصححه في «التصحيح» والنظم، وجزم

<<  <  ج: ص:  >  >>