للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال الحسن وأبو حنيفة: يبرأ، وللشافعي قولان، والقول الأول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم (١٧).

ولا يبرأ غاصب لو أباحه له كان كأن صابونًا، فقال: اغسل به، أو شمعًا، أو قازًا، أو زيتًا أو فزًا أو حطبًا فأمر بوقده ونحوه وهو لا يعلمه أو استرهنه مالك أو استودعه أو استأجره من غاصبه أو استأجر غاصب مالكًا للثوب المغصوب على قصارته أو كيه أو خياطته أو صبغه ولم يعلم مالكه أنه ملكه ففي هذه المسائل المذكورة كلها لم يبرأ الغاصب.

أما كونه لا يبرأ بالطعام والإباحة فلأنه بغصبه منع يد مالكه وسلطانه عنه ولم يعد إليه بذلك سلطانه؛ لأن المالك لم يملك التصرف فيه بغير ما أذن له فيه الغاصب، وأما في الهبة والصدقة فلأنه تحمل منته وربما كافأه على ذلك.

وأما في مسألة الرهن وما بعدها فلأنه قبضه على وجه الأمانة فلم يعد إليه بذلك سلطانه وهو تمكينه من التصرف فيه بكل ما أراد.

وإن كان المالك عالمًا أنه ملكه وأكله بإطعام الغاصب له أو أكله بنفسه أو أكله عبده أو دابته بيده ولو بلا إذنه برئ الغاصب؛ لأن المالك أتلف ماله عالمًا من غير تغرير فلم يكن له رجوع به على أحد وكذلك الأجنبي إذا أكل ما علم بقبضه برئ الغاصب ولزم الأجنبي الضمان؛ لأنه المباشر.

وإن لم يتلف المغصوب الذي اشتراه أو استقرضه مالكه من الغاصب لم يبرأ منه الغاصب لاحتمال رده بنحو عيب فيتلف بعده كما لو دفعه الغاصب للمالك أمانة؛ لأنه لم يدخل على ضمان ذلك إذ لو تلف تحت يده بلا تعد ولا تفريط لا يكون ضامنًا.

وإن صدر ما تقدم ذكره من مالك لغاصب أو لدابته أو وهبه إياه أو تصدق به عليه أو رهنه أو أودعه أو أجره إياه أو باعه منه أو أقرضه

<<  <  ج: ص:  >  >>