للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن فعل ضمن، قال في «المغني»: ويقوى عندي أنه متى سافر بها مع القدرة على مالكها أو نائبه بغير إذن أنه مفرط عليه الضمان، انتهى. وهذا القول هو الذي تطمئن إليه النفس، والله سبحانه وتعالى أعلم.

فإن فاجأ البلد عدو أو جلا عن البلد أهله أو حدث في البلد حريق أو غرق وأراد السفر بها تعين عليه ذلك؛ لأنه موضع الحاجة، فإن تركها إذًا؛ فإنه يضمن إن تلفت لتركه فعل الأصلح، وإن لم يكن السفر أحفظ لها أو استوى الأمران أو نهاه المالك عن السفر أو فاجأ البلد عدو دفعها لمالكها الحاضر أو من يحفظ ماله عادة كزوجته وخازنه أو وكيله في قبضها كحاضر خاف عليها؛ لأن في ذلك تخليصًا له من دركها وإيصالاً للحق إلى مستحقه وامتنع عليه السفر بها، فإن تعذر على الوديع المريد للسفر دفعها إلى مالكها أو من يقوم مقامه فعليه دفعها لحاكم مأمون؛ لأن في السفر بها عذرًا؛ لأنه عرضة للنهب وغيره، ولأن الحاكم يقوم مقام صاحبها عند غيبته.

وإن لم يكن ثم حاكم أو كان وتعذر دفعها إليه لكونه غير مأمون أو دفعها إليه ولم يقبلها فعليه دفعها لثقة لفعله - صلى الله عليه وسلم - لما أراد أن يهاجر أودع الودائع التي كانت عنده أم أيمن وأمر عليًا - رضي الله عنه - أن يردها إلى أهلها كوديع حضره الموت؛ لأن كلا من الموت والسفر سبب لخروج الوديعة عن يده.

أو دفن الوديعة إن لم يضر الدفن وأعلم ساكنًا بالدار ثقة فإن لم يعلمه أو كان المعلم غير ساكن في الدار أو كان غير ثقة المعلم أو دفنها خارج البلدة فضاعت ضمنها الوديع؛ لأنه فرط في الحفظ بعدم إعلامه أحدًا؛ لأنه قد يموت في سفره أو يظل فيخطئ موضعها فلا تصل لربها وإن أخبر غير ثقة فربما أخذها ومن لا يسكن الدار لا يمكنه حفظ ما فيها

<<  <  ج: ص:  >  >>