للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج: ومن جاوزه يريد نسكًا فرضًا أو نفلاً، وكان النسك فرضه ولو جاهلاً أنه الميقات أو حكمه أو ناسيًا لزمه أن يرجع إلى الميقات فيحرم منه حيث أمكن كسائر الواجبات إن لم يخف فوت حج أو غيره كعلى نفسه أو ماله لصًا أو غيره، ويلزمه إن أحرم من موضعه دم؛ لما روى ابن عباس مرفوعًا: «من ترك نسكًا فعليه دم، وقد ترك واجبًا» وسواء كان لعذر أو غيره ولا يسقط الدم إن أفسده أو رجع إلى الميقات بعد إحرامه، وكره إحرام بحج أو عمرة قبل ميقات وينعقد؛ لما روى سعيد عن الحسن أن عمران بن حصين أحرم من مصره، فبلغ ذلك عمر فغضب، وقال: يتسامع الناس أن رجلاً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحرم من مصره.

وقال البخاري: كَرِهَ عثمان أن يحرم من خراسان أو كرمان.

ولحديث أبي يعلى الموصلي عن أبي أيوب مرفوعًا: يستمتع أحدكم بحله ما استطاع؛ فإنه لا يدري ما يعرض له في إحرامه، وكره إحرام بحج قبل أشهره.

وقال في «الشرح الكبير» بغير خلاف علمناه، وأشهر الحج: شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة منها يوم النحر وهو يوم الحج الأكبر.

ولحديث ابن عمر مرفوعًا يوم النحر الأكبر، قال الله تعالى: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الحَجَّ} أي في أكثرهن؛ وإنما فات الحج بفوات يوم النحر لفوات الوقوف لا الخروج وقت الحج.

ثم الجمع يقع على إثنين وبعض آخر، والعرب تُغَلِّبُ التأنيث في العدد خاصة لسبق الليالي فتقول: سِرْنا عشرًا، وينعقد إحرام بحج في غير أشهره؛ لقوله تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} وكلها مواقيت للناس، فكذا الحج كالميقات المكاني، وقوله: {الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ} أي معظمه في أشهره، كقوله - صلى الله عليه وسلم -: «الحج عرفة».

<<  <  ج: ص:  >  >>