للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوطء: يفسد النسك قبل تحلل أول ولو بعد الوقوف بعرفة؛ لأن بعض الصحابة قضوا بفساد الحج ولم يستفصلوا.

وحديث من وقف بعرفة فقَد تم حجه أي قاربه وَأمِن فواته، ولو كان المجامع ساهيًا أو جاهلاً أو مكرهًا نقله جماعة لما تقدم من أن بعض الصحابة - رضي الله عنهم - قضوا به ولم يستفصلوا ولو اختلف الحال لوجب البيان.

وذكر في الفصول رواية عن الإمام أحمد: لا يفسد حج الناسي والجاهل والمكره ونحوه، وخرّجها القاضي أبو يعلى في كتاب الروايتين واختارها الشيخ تقي الدين، وصاحب الفائق، ومال إليه ابن مفلح في الفروع.

وقال: هذا متجه ولا يفسد بغير الجماع؛ لعدم النص فيه، والإجماع وعليهما المضي في فاسده ولا يخرج منه بالوطء. روي ذلك عن ابن عمر وعلي وأبي هريرة وابن عباس وحكمه كالإحرام الصحيح؛ لقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}، وروي مرفوعًا: أمر المجامع بذلك؛ ولأنه معنى يجب به القضاء فلم يخرج منه كالفوات، فيفعل بعد الإفساد كما كان يفعله قبله من وقوف وغيره ويجتنب ما يجتنبه قبله من وطء وغيره، ويفدي لمحظور فعله بعده ويقضي من فسد نسكه بالوطء صغيرًا كان أو كبيرًا واطِئًا ومَوْطُؤةً فرضًا كان الذي أفسده أو نفلاً.

والدليل على أن القضاء يكون فورًا قول ابن عمر؛ فإذا أدركت قابلاً فحج واهد، وعن ابن عباس وعبد الله بن عمر ومثله رواه الدارقطني والأثرم، وزاد: «وحل إذا حلوا».

فإذا كان العام المقبل فاحجج أنت وامرأتك واهْد هَدْيًا؛ فإن لم تجدا فصوما ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجعتما، وهذا إذا كان المفسد نسكه مكلفًا؛ لأنه لا عذر له في التأخير وإلا يكن مكلفًا، بل بلغ بعد انقضاء الحجة الفاسدة فيقضي بعد حجة الإسلام فورًا لزوال عذره.

<<  <  ج: ص:  >  >>