للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على أنه لا جزاء على الخاطئ؛ ولأن الأصل براءة ذمته فلا نشغلها إلا بدليل؛ ولأنه محظور بالإحرام لا يفسد به ففرق بين عمده وخطئه كاللبس.

ووجه الأول: قول جابر - رضي الله عنه - جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الضبع يصيده المحرم كبشًا، وقال -عليه السلام- في بيض النعام: «يصيبه المحرم ثمنه»، ولم يفرق بين العمد والخطأ. رواهما ابن ماجه. ولأنه ضمان إتلاف فاستوى عمده وخطؤه كمال الآدمي، وقيل في الجميع: إن المعذور بنسيان أو جهل كما لا إثم عليه لا فدية عليه، وهذا القول هو الذي يترجح عندي لما أراه من قوة الدليل. والله أعلم.

س ٢٢٩: تكلم عما يلي: مَن لبس أو تطيّب أو غطى رأسه ناسيًا أو جاهلاً أو مكرهًا؟ مَن لم يجد ماءً لغسل طيب؟ ماذا يعمل من تطيب قبل إحرامه؟ إذا لبس محرم أو افترش ما كان مطيّبًا؟

ج: وإن لبس مخيطًا ناسيًا أو جاهلاً أو مكرهًا أو تطيب ناسيًا أو جاهلاً أو مكرهًا أو غطى رأسه ناسيًا أو جاهلاً أو مكرهًا فلا كفارة؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «عفي لأمتي عن الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه». قال أحمد: إذا جامع أهله بطل حجه؛ لأنه شيء لا يقدر على رده، والصيد إذا قتله فقد ذهب لا يقدر على رده، والشعر إذا حلقه فقد ذهب، فهذه الثلاث العمد والخطأ والنسيان فيها سواء، وكل شيء من النسيان بعد هذه الثلاثة فهو يقدر على رده مثل ما إذا غطى المحرم رأسه، ثم ذكر ألقاهُ عن رأسه وليس عليه شيء أو ليس خفّا نزعه وليس عليه شيء، ويلحق بالحلق التقليم بجامع الإتلاف، ويلزمه غسل الطيب وخلع اللباس في الحال، أي بمجرد زوال العذر من النسيان والجهل والإكراه؛ لخبر يعلى ابن أمية أن رجلاً أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو بالجعرانة، وعليه جبة أثر خلوق، أو قال: أثر صفرة، فقال: يا رسول الله، كيف تأمرني أن أصنع في عمرتي؟ قال: «اخلع عنك هذه الجبّة، واغسل عنك أثر الخلوق»، أو قال: «أثر الصفرة واصنع

<<  <  ج: ص:  >  >>