للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعرفة كلها موقف» رواه أبو داود وابن ماجه إلا بطن عُرَنة؛ لحديث: «كل عرفة موقف، وارفعوا عن بطن عُرَنة» رواه ابن ماجه فلا يجزي وقوفه فيه؛ لأنه ليس من عرفة كمزدلفة وعرفة من الجبل المشرف على عرنة إلى الجبال المقابلة له إلى ما يلي حوائط بني عامر، وسن وقوفه راكبًا لفعله -عليه الصلاة والسلام- وقف على راحلته بخلاف سائر المناسك فيفعلها غير راكب.

وسن وقوفه مستقبل القبلة عند الصخرات وجبل الرحمة ولا يشرع صعوده ويرفع يديه واقفًا بعرفة ندبًا ويكثر الدعاء والاستغفار والتضرع وإظهار الضعف والافتقار، ويلح في الدعاء ولا يستبطئ الإجابة ويحاسب نفسه ويجدد توبة نصوحًا؛ لأن هذا يوم عظيم ومجمع كبير يجود الله فيه على عباده ويباهي بهم ملائكته.

عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة، فيقول: ما أراد هؤلاء؟» أخرجه مسلم والنسائي، وقال: عبدًا أو أمة من النار.

وعن طلحة بن عبد الله بن كريز أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «ما رُئي الشيطان يومًا هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه في يوم عرفة، وما ذاك إلا لِمَا يرى من تنزَّل الرَّحَمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام، إلا ما رُئي يوم بدر»، قيل: وما رُئي يوم بدر؟ قال: «أما أنه رأى جبريل يزع الملائكة» أخرجه مالك. ويجتهد في أن يقطر من عينه قطرات من الدموع، ويكرر الاستغفار، والتلفظ بالتوبة من جميع المخالفات، ويسأل الله أن يعتقه من النار؛ لأنه يوم يكثر فيه العتقاء من النار، وما رُئي الشيطان في يوم هو أدحر ولا أصغر منه في يوم عرفة إلا ما رُئي يوم بدر. وذلك لما يرى من وجود الله على عباده وإحسانه إليهم وكثرة عتقه ومغفرته.

<<  <  ج: ص:  >  >>