للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ذكر مكة شرفها الله تعالى وآثارها الكريمة وأخبارها الشريفة]

هي بلدة قد وضعها الله عز وجل بين جبال محدقة بها وهي بطن واد مقدس كبير مستطيلة تسع من الخلائق مالا يحصيه إلا الله عز وجل.

ولها ثلاثة أبواب: أولها باب المعلى ومنه يخرج إلى الجبانة المباركة وهي بالموضع الذي يعرف بالحجون. وعن يسار المار إليها جبل في أعلاه ثنية عليها علم شبيه البرج يخرج منها إلى طريق العمرة وتلك الثنية تعرف بكداء وهي التي عنى حسان بقوله في شعره:

تثير النقع موعدها كداء١

فقال النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح: "ادخلوا من حيث قال حسان". فدخلوا من تلك الثنية وهذا الموضع الذي يعرف بالحجون هو الذي عناه الحارث بن مضاض الجرهمي بقوله:

كإن لم يكن بين الحجون إلى الصفا

...

أنيس ولم يسمر بمكة سامر

بلى نحن كنا أهلها فأبادنا

...

صروف الليالي والحدود العوائر

وبالجبانة المذكورة مدفن جماعة من الصحابة والتابعين والأولياء والصالحين قد دثرت مشاهدهم المباركة وذهبت عن أهل البلد أسماؤهم. وفيه الموضع الذي صلب فيه الحجاج بن يوسف جازاه الله جثة عبد الله ابن الزبير رضي الله عنهما. وعلى الموضع بقية علم ظاهر إلى اليوم وكان عليه مبنى مرتفع فهدمه أهل الطائف غيره منهم على ما كان يجدد من لعنة صاحبهم


١ هو عجز بيت لحسان بن ثابت صدره:
عدمنا خيلنا إن لم تروها.

<<  <   >  >>