للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[شهر رمضان المعظم عرفنا الله بركته]

استهل هلاله ليلة الإثنين التاسع عشر لدجنبر عرفنا الله فضله وحقه ورزقنا القبول فيه وكان صيام أهل مكة له يوم الأحد بدعوى في رؤية الهلال لم تصح لكن أمضى الأمير ذلك ووقع الإيذان بالصوم بضرب دبادبة ليلة الأحد المذكور لموافقته مذهبه ومذهب شيعته العلويين ومن إليهم لأنهم يرون صيام يوم الشك فرضا حسبما يذكر والله أعلم بذلك.

ووقع الاحتفال في المسجدالحرام لهذا الشهر المبارك وحق ذلك من تجديد الحصر وتكثير الشمع والمشاعيل وغير ذلك من الآلات حتى تلألأ الحرم نورا وسطع ضباء وتفرقت الأئمة لإقامة التراويح فرقا فالشافعية فوق كل فرقة منها قد نصبت إماما لها في ناحية من نواحي المسجد والحنبلية كذلك والحنفية كذلك الزيدية؛ وأما المالكية فاجتمعت على ثلاثة قراء يتناوبون القراءة وهي في هذا العام أحفل جمعا وأكثر شمعا لأن قوما من التجار المالكيين تنافسوا في ذلك فجلبوا لإمام الكعبة شمعا كثيرا من أكبره شمعتان نصبتا أمام المحراب فيهما قنطار وقد حفت بهما شمع دونهما صغار وكبار فجاءت جهة المالكية تروق حسنا وترتمي الأبصار نورا وكاد لا يبقى في المسجد زاوية ولا ناحية إلا وفيها قارئ يصلى بجماعة خلفه فيرتج المسجد لأصوات القرأة من كل ناحية فتعاين الأبصار وتشاهد الأسماع من ذلك مرأى ومستمعا تنخلع له النفوس خشيبية ورقة.

ومن الغرباء من اقتصر على الطواف والصلاة في الحجر ولم يحضر التروايح ورأى أن ذلك أفضل ما يغتنم وأشرف عمل يلتزم وما بكل مكان يوجد الركن الكريم والمتلزم.

والشافعي في التراويح أكثر الأئمة اجتهادا وذلك أنه يكمل التراويح المعتادة التي هي عشر تسليمات ويدخل الطواف مع جماعة فإذا فرغ من

<<  <   >  >>