للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ذكر مدينة نصيبين حرسها الله]

شهيرة العتاقة والقدم ظاهرها شباب وباطنها هرم جميلة المنظر متوسطة بين الكبر والصغر يمتد إمامها وخلفها بسيط أخضر مد البصر قد أجرى الله فيه مذانب من الماء تسقيه وتطرد في نواحيه وتحف بها عن يمين وشمال بساتين ملتفة الأشجار يانعة الثمار بنساب بين يديها نهر قد انعطف عليها انعطاف السوار والحدائق تنتظم بحافتيه وتفيء ظلالها الوارفة عليه فرحم الله أبا نواس الحسن بن هانىء حيث يقول:

طابت نصيبين لي يوما فطبت لها

...

يا ليت حظى من الدنيا نصيبين

فخارجها رياضي الشمائل أندلسي الخمائل يرف غضارة ونضارة ويتالف عليه رونق الحضارة وداخلها شعث البادية باد عليه فلا مطمح للبصر إليه لا تجدالعين فيه فسحة مجال ولا مسحة جمال. وهذا النهر يتسرب إليها من عين معينة منبعها بجبل قريب منها تنقسم منها مذانب تخترق بسائطها وعمائرها ويتخلل البلد منها جزء فيتفرق على شوارعها ويلح في بعض ديارها ويصل إلى جامعها المكرم منه سرب يخترق صحنه وينصب في صهريجين أحدهما وسط الصحن والآخر عند الباب الشرقي منه ويفضى إلى سقايتين حول الجامع.

<<  <   >  >>