للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ذكر جامعها المكرم عمره الله تعالى]

هو من أشهر جوامع الإسلام حسنا واتقان بناء وغرابة صنعة واحتفال تنميق وتزيين وشهرته المتعارفة في ذلك تغنى عن استغراق الوصف فيه ومن ععجيب شأنه إنه لا تنسج به العنكبوت ولا تدخله ولا تلم به الطير المعروفة بالخطاف. انتدب لبنائه الوليد بن عبد الملك رحمه الله ووجه إلى ملك الروم بالقسطنطينية يأمره بأشخاص اثنى عشر ألفا من الصناع من بلاده وتقدم إليه بالوعيد في ذلك إن توقف عنه فامتثل أمره مذعنا بعد مراسلة جرت بينهما في ذلك مما هو مذكور في كتب التواريخ. فشرع في بنائه وبلغت الغاية في التأنق فيه وأنزلت٢ جدره كلها بفصوص من الذهب المعروف بالفسيفساء وخلطت بها أنواع من الأصبغة الغريبة قد مثلت أشجارا وفرعت اغصانا منظومة بالفصوص ببدائع من الصنعة الأنيقة المعجزة وصف كل واصف فجاء يغشى العيون وميضا وبصيصا. وكان مبلغ النفقة فيه حسبما ذكره ابن المعلى٣ الأسدي في جزء وصعه في ذكر بنائه مائة صندوق في كل صندوق ثمانية وعشرون ألف دينار ومائتا ألف دينار فكان مبلغ الجميع أحد عشر ألف ألف دينار ومائتي ألف دينار.


٢ أنزلت: رصعت.
٣ محمد بن المعلى بن عبد الله الأسدي.

<<  <   >  >>