للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ولمعرفة الناسخ والمنسوخ طرقٌ لا بد منها:

أولها - النقلُ الصريح عن النبي صلى الله عليه وسلم.

وثانيها - إجماع الأمة على أن هذا ناسخ وهذا منسوخ.

وثالثها - معرفة المتقدم من المتأخر في التاريخ. ولا يعتمد في النسخ على الاجتهاد، أو قول المفسرين، أو التعارض بين الأدلة ظاهراً، أو تأخر إسلام أحد الراويين.

ومن الناحية العقلية فإن النسخ جائز عقلاً فالله تعالى له أن يأمر بالشيء في وقت وينسخه في وقت آخر وهو أعلم بمصالح العباد.

وموقف اليهود من النسخ أنهّم ينكرونه ويزعمون أن القول بالنسخ يقتضي القول بالعبث على الله، بمعنى أن يكون لحكمةٍ ظهرت ولم تكن ظاهرة من قبل وهذا يستلزم سبق الجهل!

والحق أن كلاً من حكمة الناسخ وحكمة المنسوخ معلومة لله تعالى من قبل، فلم يتجدد علمُه بها، وهو سبحانه ينقل العباد من حكم إلى حكم لحكمة.

واليهود أنفسهم يعتروفون بأن شريعة موسى ناسخة لما قبلها، وجاء النسخ في نصوص التوراة، كتحريم كثير من الحيوان على بني إسرائيل بعد حله، قال الله تعالى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلاَّ مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ مِن قَبْلِ أَن تُنَزَّلَ التَّوْرَاةُ قُلْ فَأْتُواْ بِالتَّوْرَاةِ فَاتْلُوهَا إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [آل عمران: ٩٣] .

فليس النسخ نظرية ابتكرها المسلمون لحل إشكال التعارض والتضارب بين الآيات، بل مشروعية النسخ كما تقدم ثابتة بالقرآن والسنة والعقل.

<<  <   >  >>