للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَ حَنِيفًا مُّسْلِمًا وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَاللهُ وَلِيُّ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:٦٧-٦٨] .

ولما كان البيت الحرام بمكة بهذه المنزلة وقد شهد الله بأنه بيت الله أقيم في الأرض {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ} [آل عمران:٩٦] فقد فرض تعالى القصد إليه وتعظيمه فقال: {وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ} [آل عمران:٩٧] ، وأهم أعمال الحج بعد الإحرام إنّما هي الطواف بالكعبة والسعي بين الصفا والمروة والوقوف بعرفة في نهار التاسع من ذي الحجة. وكان كثير من هذه الأعمال في حج الجاهلية توارثوها عن ملة إبراهيم عليه السلام، ولكنهم خلطوا حقاً بباطل، فحرفوا الحج عن وجهته وملؤوا بيت الله الحرام بالأوثان والأصنام واتخذوها آلهة تقربّهم إلى الله، ومارسوا أنواع العبادة لها ... فلما جاء الإسلام نظف ونقى الحج الذي هو من شعائر الإسلام التي دعا إليها إبراهيم عليه السلام، وأمره الله تعالى بأن يؤذن في الناس بالحج: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} [الحج:٢٧] . نظفه من ضلالات الجاهلية وأدرانها، إذن الحج ليس موروثاً وثنياً وإنما هو موروث توحيدي حنيفي يعود إلى ملّة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين، إنّه لا ضير على الإسلام أن يُبْقِي الصالح من تقاليد العرب وشرائعهم التي ورثوها من إبراهيم، وهو بذلك يقرر وحدة الدين وامتداد نسبه في أعماق التاريخ السحيق.

ويحلو للكاتب أن يغمز الإسلام في عبادة الحج بأنها بقية من وثنية العرب.

<<  <   >  >>