للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

في حجة الوداع، وهي قوله تعالى: {وَاتَّقُواْ يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} [البقرة:٢٨١] .

والذي يُلفت النظر أن مكان نزول الآية لم يكن هو الذي حدد موضوعها في المصحف، الآية الأخيرة من سورة المزمل المكية: {إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِن ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ} [المزمل:٢٠] ، تنزلت في المدينة ثم أُلحقت بسورةٍ مكيةٍ قبل ذلك بعشر سنوات أو أكثر.

إن هذا الانتخاب والتداخل إنما يدل على شيء واحد ألا وهو الوحدةُ الموضوعية لكثير من سور القرآن.

وقد تكلم على الوحدة الموضوعية في القرآن الكريم أئمةٌ يُعتد بكلامهم، منهم الإمام الشاطبي حيث قال: "إن بعض سور القرآن الكريم لكل سورة منها موضوعٌ واحد والبعض الآخر له أكثر من موضوع" (١)

وصنف الإمام المفسر برهان الدين البقاعي (ت:٨٨٥هـ) كتاباً وَسَمه بـ (نظم الدرر في تناسب الآيات والسور) أثبت فيه أن القرآن وحدةٌ مترابطة، وأن هذه الوحدة تسري بين سُوره وآياته؛ وقال في المقدمة:

"إن اسم كل سورة مُتَرجِم عن مقصودها؛ لأن اسم كل شيء يُظهر المناسبةَ بينه وبين مسماه، عنوانُه الدالُّ إجمالاً على تفصيل ما فيه ... فأذكر المقصود من كل سورة، وأربط بينه وبين اسمها وأفسر كل بسملة بما يوافق مقصود السورة" (٢) .


(١) الشاطبي، الموافقات ٣/٢٧٩.
(٢) البقاعي، نظم الدرر ١/١٨- ١٩.

<<  <   >  >>