للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} ١. قال الجاحظ: في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا} ٢ يريد فما دونها وهو كقول القائل: فلان أسفل الناس فتقول: وفوق ذلك تضع قولك "فوق" مكان قولهم: هو شرٌ من ذلك. وقال الفَرَّاء: فما فوقها في الصِّغَر والله أعلم. قال المُبرد: من الآيات التي ربما يَغْلَط في مجازها النحويون قول الله تعالى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} ٣ والشهر لا يغيب عن أحد. ومجاز الآية: فمن كان منكم شاهد بلدة في الشهرَ فليصمه والتقدير: فمن كان شاهدا في شهر رمضان فليصمه ونصب "الشهرَ" للظرف لا نصب المفعول.

[الفصل الثامن والخمسون: في إقامة وصف الشيء مقام اسمه.]

كما قال الله عزَّ وجلَّ: {وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ} ٤ يعني السفينة فوضع صفتها موضع تسميتها. وقال تعالى: {إِذْ عُرِضَ عَلَيْهِ بِالْعَشِيِّ الصَّافِنَاتُ الْجِيَادُ} ٥ يعني الخيل. وقال بعض المتقدّمين: [من الكامل]

سألَتْ قُتَيْلةُ عن أبيها صَحْبَهُ ... في الرَّوْع: هل رَكِبَ الأَغَرَّ الأَشْقَرا؟.

يعني هل قُتِل والأغرُّ الأشقرُ: وصف الدَّم فأقامه مقام اسمه. وقال بعض المحدّثين: [من الخفيف]

شِمْتُ بَرْقَ الوزير فانهلَّ حتّى ... لم أجِدْ مَهْرَباً إلى الإعْدامِ.

فكأنِّي وقد تقاصَرَ باعي ... خابِطٌ في عُبابِ أخضَرَ طامي.

يعني: البحر. وقال الحجاج لإبن القَبَعْثَرَى: لأحْمِلَنَّك على الأدهم يعني القيدَ فتجاهل عليه وقال: مِثْلُ الأمير يحمل على الأدهم والأشهب.

[الفصل التاسع والخمسون: في إضافة الشيء إلى الله جل وعلا.]

العرب تُضيف بعض الأشياء إلى الله عزَّ ذكره وإن كانت كلها له. فتقول: بيت الله وظِلُّ الله وناقَةُ الله. قال الجاحظ: كل شيء أضافه الله إلى نفسه فقد عظَّم شأنه وفخَّم أمره وقد


١ سورة البقرة الآية: ٢٤٩.
٢ سورة البقرة الآية: ٢٦.
٣ سورة البقرة الآية: ١٨٥.
٤ سورة القمر: الآية ١٣.
٥ سورة صّ: الآية ٣١.

<<  <   >  >>