للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فعل ذلك بالنار فقال: {نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ} ١. ويُروى أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال لعتيبة بن أبي لهب: أكَلَكَ كَلْبُ الله ٢ ففي هذا الخبر فائدتان إحداهما أنه ثَبَتَ بذلك أن الأسد كلب والثانية أن الله تعالى لا يضافُ إليه إلا العظيم من الأشياء في الخير والشر أما الخير فكقولهم: أرضُ الله وخليل الله وزوَّار الله وأما الشرّ فكقولهم: دَعْهُ في لَعنةِ الله وسَخَطِهِ وأليم عذابهِ وإلى نارِ الله وحرِّ سقره.

الفصل الستون: في تسمية العرب أبناءها بالشَّنيع من الأسماء.

هي من سنن العرب إذ تُسَمَّى أبناءها بِحَجَر وكلب ونَمِر وذئب وأسد وما أشبهها وكان بعضهم إذا وُلدَ لأحدهم ولد سمَّاه بما يراه ويسمعه مما يتفاءل به فإن رأى حجرا أو سمعه تأوَّل فيه الشدَّة والصَّلابة والصَّبر والبقاء وإن رأى كلبا تأوَّل فيه الحراسة والألفة وبُعْدَ الصوت وإن رأى نَمِرا تأوَّل فيه المَنَعة والقِّيَه والشكاسة وإن رأى ذئباً تأوَّل فيه المهابة والقُدْرَةَ والحِشْمةَ. وقال بعضُ الشُّعوبيَّة لإبن الكلبي: لِمَ سَمَّت العرب أبناءها بكلب وأوس وأسد وما شاكلها: وسمَّت عبيدها بيُسر وسَعد ويُمن؟ فقال وأحسن: لأنها سَمت أبناءها لأعدائها وسمت عبيدها لأنفسها. ثم نبتدئ بأبنية الأفعال فنقول:.

[الفصل الحادي والستون في أبنية الأفعال.]

في الأكثر الأغلب:. "فعل" يكون بمعنى التكثير كقوله عزَّ وجلَّ: {وَغَلَّقَتِ الْأَبْوَابَ} ٣ وقوله: {يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ} ٤. وفعَّل: يكون بمعنى أفعل نحو خَبَّرَ وأخْبَرَ وكَرَّمَ وأكْرَمَ ونزَّلَ وأنْزَلَ. ويكون مضادا له نحو أفرط إذا جاوزَ الحدَّ وفَرَّط إذا قصَّر. قال الشاعر: [من الرجز]

لا خَيْرَ في الإفْراطِ والتَّفريطِ ... كِلاهُما عِندي من التَّخْليطِ.

وقلت في كتاب المبهج: إياك والإفراط الممل والتفريط المُخلّ. ويكون فَعَّلَ بنية لا لمعنى نحو كلَّمَ. ويكون بمعنى نسب نحو ظلمهُ: إذا نسبه إلى الظُّلم وجهَّلهُ: إذا نسبه إلى الجهل.


١ سورة الهمزة: الآية ٦.
٢ الحيوان ٢/١٨١.
٣ سورة يوسف الآية: ٢٣.
٤ سورة البقرة الآية: ٤٩.

<<  <   >  >>