للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فمررت بقوله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً} (الأحزاب:٦٩) ، وقد ذكر القرآن تفصيل هذا الإيذاء من عناد بني إسرائيل لموسى - عليه السلام - وطلبهم ما لا يحتاجون إليه. غير أني وجدت في تفسير هذه الآية حديث أبي هريرة الذي رواه البخاري والترمذي من اتهام بني إسرائيل موسى بالبرص، وفرار الحجر بثيابه، وضرب موسى الحجر بعصاه، فارتعدت فرائصي، واستغرقني التفكير، وتوالت عليَّ الشبهات واحدة تلو الأخرى" (١) .

وهكذا كانت اللحظة التي لابد أن برويز فكر فيها كثيراً. أما إعلانه عن انقلابه إلى فكر القرآنيين. منكري السنة، فقد جاء على هيئة خطب منبرية ودروس داخل المساجد في بداية الأمر، ثم تولت مجلته "طلوع إسلام" نشر أفكاره بعد ذلك، ثم توسعت أفكاره شيوعاً عبر مقالاته ومؤلفاته الكثيرة، ومن خلال نوادي حركته التي أنشأها لتضم أتباعه في إنكار السنة، وسماها: نوادي طلوع إسلام، نسبة إلى مجلته تلك. ولقد زاد من شيوع حركته وذيوع أفكاره انتقاله إلى دولة باكستان الوليدة بعد استقلالها عن الهند. حيث انتقل إلى مدينة "كراتشي" التي ما تزال حتى اليوم حاضرة "البرويزيين" أتباع برويز. وقد كانت الظروف وقتذاك ملائمة له ولحركته، حيث كان على رأس الدولة الفتية قائدها "محمد على جناح" (٢) الذي استغرقته السياسة


(١) نقلاً عن: القرآنيون: ٥٠، ٥٤.
(٢) محمد علي جناح ولد بكراتشي عام ستة وسبعين وثمانمائة وألف للميلاد، وتوفي عام ثمانية وأربعين وتسعمائة وألف. بعد استقلال باكستان بعام واحد. نال المحاماة من إنجلترا، ثم عاد والتحق بالمؤتمر الهندي، ثم تركه ونشط في حركة " العصبة الإسلامية " وحين استقلت باكستان تولى رئاستها، لكن السياسة شغلته عن= قضايا الإسلام في بلده فكان من ذلك مخاطر كثيرة ما تزال باكستان بل والإسلام يعاني منها. وقد كان على رأس تلك المخاطر قبوله القادياني المتعصب ضد الإسلام والمسلمين "ظفر الله خان" وزيراً لخارجية باكستان الوليدة. فكان أن مكن الرجل للقاديانية وثبت أقدامها بباكستان، وفتح لها البلاد الأخرى عالمياً، بعد أن كاد يقضى عليها. كذلك من تلك المخاطر تلك الحركات المعادية للسنة والإسلام. وتحديداً حركة "برويز" التي لم يمكن لها سوى تهاون المسؤولين في ذلك البلد الطيب. كذلك من تلك المخاطر قضية اللغة العربية، حيث كانت حية حين الاستقلال، لكن قضى عليها في باكستان تخطيط أعداء الله.

<<  <   >  >>