للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هؤلاء، أن ذلك لأنهم كانوا يرون السنة غير شرعية، أو أنها ليست مصدراً تشريعياً.

أما دعوى حبس عمر - رضي الله عنه - ثلاثة من أصحابه هم: عبد الله بن مسعود، وأبو ذر، وأبو الدرداء - رضي الله عنهم - فهذه رواية ملفقة كاذبة، جرت على الألسنة، وقد ذكرها البعض كما تجري على الألسنة وتدون في كتب الموضوعات من الأحاديث والوقائع، فليس كل ما تجري به الألسنة أو تتضمنه بعض الكتب صحيحاً، وقد تولى تمحيص هذه الدعوى الكاذبة الإمام "ابن حزم" - رحمه الله - في كتابه: "الإحكام" فقال: "وروي عن عمر أنه حبس ابن مسعود، وأبا الدرداء، وأبا ذر من أجل الحديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعد أن طعن ابن حزم في الرواية بالانقطاع محصها شرعاً فقال: "إن الخبر في نفسه ظاهر الكذب والتوليد، لأنه لا يخلو: إما أن يكون عمر اتهم الصحابة، وفي هذا ما فيه. أو يكون نهى عن نفس الحديث وتبليغ السنة وألزمهم كتمانها وعدم تبليغها، وهذا خروج عن الإسلام، وقد أعاذ الله أمير المؤمنين من كل ذلك، وهذا قول لا يقول به مسلم، ولئن كان حبسهم وهم غير متهمين فلقد ظلمهم، فليختر المحتج لمذهبه الفاسد بمثل هذه الروايات أي الطريقين الخبيثين شاء" (١) .

هكذا يتضح كذب ادعائهم وفساد ما بنوه على هذا الادعاء.


(١) ابن حزم. الإحكام ٢: ١٩٣. وراجع في ذلك: السنة ومكانتها من التشريع: ٦٦.

<<  <   >  >>