للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وليس منصوصا قطعا - فمن أين علمتم بوجود هذا المنهج، وقد رفضتم السنة وجعلتموها مختلقة مفتراة؟ فكيف تستدلون بسنة مختلقة مفتراة بزعمكم على أهمّ المطالب عندكم وهي ادعاء أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع للقرآن منهجا في كتابته وحفظه ومذاكرته، ولم يعمل للسنة مثله.

فهذا تناقض أصلع وتضارب أعمى كتب الله على معاندي الحق ومشاغبي الحجج ومناوئي الدين أن يتورطوا في أوحاله.

أما السنة فقد رغب الرسول صلى الله عليه وسلم الأمة في حفظها فقال: "نضر الله امرأ سمع منّا شيئاً فبلّغه كما سمع فرب مبلغ أوعى من سامع " (١) ، فهذا الحديث فيه أعظم حث على حفظ السنن، والمذاكرة من وسائل الحفظ وطرقه فليست مخالفة للحفظ، والوسيلة لها حكم المقصد.

وقال الرسول صلى الله عليه وسلم: "ليبلغ الشاهد الغائب" (٢) ففيه حض على الحفظ أيضا إذ لا يمكن تبليغ ما لم يحفظ، إما اللفظ وإما المعنى.

فهذا كاف في حفظ السنة، مع علم الرسول صلى الله عليه وسلم بأنها من الذكر الذي تكفل الله بحفظه، وعلمه بحرص الصحابة على الحديث وأن بعضهم أحرص عليه من بعض. سأل أبو هريرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من أسعد النّاس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال صلى الله عليه وسلم: لقد ظننت يا أبا هريرة ألاّ يسألني عن هذا الحديث أحد أوّل منك لما رأيت من حرصك على الحديث "أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله صدقاً من قلبه " (٣) .


(١) أخرجه الترمذي (٢٦٤٧) واللفظ له، وابن ماجه (٢٣٢) من حديث ابن مسعود، وهو حديث متواتر.
(٢) أخرجه البخاري (٦٧) ومسلم (١٦٧٩) .
(٣) صحيح البخاري (٩٩) كتاب العلم، باب الحرص على الحديث٠

<<  <   >  >>