للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

خاف عليهم الاختلاط وأذن في الكتابة عنه حين أمن منه" (١) .

وذكر الزركشي وجوها أخرى في الجمع بينهما فقال: "أحدها: أن النهي عن الكتابة مخصوص بحياة سيد البشر النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن النسخ يطرأ في كل وقت فيختلط الناسخ بالمنسوخ، ويشهد له حديث أبي شاه لما أذن له في كتابة الخطبة التي خطب بها النبي صلى الله عليه وسلم.. الثاني: أن النهي لئلا يتكل الكاتب على ما يكتب ولا يحفظ فيقل الحفظ.. الثالث: ألا يتخذ مع القرآن كتابا يضاهى به" (٢) .

وهذا الخلاف كان في العصر الأول، ثم أجمعت الأمة على تسويغ كتابة الحديث والعلم، واستقر الأمر على ذلك (٣) .

وليس في مسلك من هذه المسالك التي سلكها أهل العلم ما يشهد لما ضلت به هذه العصابة وفرقت به الأمة وشذت به عن السواد الأعظم،

{وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ} (هود: ٦٠) .


(١) المدخل إلى السنن الكبرى ٢ / ٢٢٣.
(٢) النكت على ابن الصلاح ٣ / ٥٥٩ -٥٦٠ للزركشي بشيء من التصرف.
(٣) شرح النووي على صحيح مسلم ١٨ / ١٣٠.

<<  <   >  >>