للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[معلقة عنترة بن شداد]

١-

هَلْ غَادَرَ الشّعَرَاءُ مِنْ مُتَرَدَّمِ ... أَمْ هَلْ عَرَفْتَ الدّارَ بَعْدَ تَوَهُّمِ

المتردم: الموضع الذي يسترقع ويستصلح لما اعتراه من الوهن والوهي، والتردم أيضًا مثل الترنم، وهو ترجيع الصوت مع تحزين.

يقول: هل تركت الشعراء موضعًا مسترقعًا إلا وقد رقعوه وأصلحوه؟ وهذا استفهام يتضمن معنى الإنكار، أي لم يترك الشعراء شيئًا يصاغ فيه شعر إلا وقد صاغه فيه، وتحرير المعنى: لم يترك الأول للآخر شيئًا، أي سبقني من الشعراء قوم لم يتركوا لي مسترقعًا أرقعه ومستصلحًا أصلحه، وإن حملته على الوجه الثاني كان المعنى: إنهم لم يتركوا شيئًا إلا رجعوا نغماتهم بإنشاء الشعر وإنشاده في وصفه ورصفه، ثم أضرب عن هذا الكلام وأخذ في فن آخر فقال مخاطبًا لنفسه: هل عرفت دار عشيقتك بعد شكّك فيها، وأم ههنا معناه بل أعرفت، وقد تكون أم بمعنى بل مع همزة الاستفهام، كما قال الأخطل: [الكامل] :

كذبتك عينك أم رأيت بواسط ... غلس الظلام ممن الرباب خيالا

أي بل أرأيت، ويجوز أن تكون هل ههنا بمعنى قد كقوله عز وجل: {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَان} [الإنسان: ١] أي قد أتى.

٢-

يَا دَارَ عَبْلَةَ بِالْجِوَاءِ تَكَلَّمِي ... وَعِمِي صَبَاحًا دَارَ عَبْلَةَ وَاسْلَمِي

الجو: الوادي والجمع الجواء، والجواء في البيت موضع بعينه. عبلة: اسم عشيقته، وقد سبق القول في قوله: عِمِي صباحًا.

يقول: يا دار حبيبتي بهذا الموضع تكلمي وأخبريني عن أهلك ما فعلوا، ثم أضرب عن استخباره إلى تحيتها فقال: طاب عيشك في صباحك وسلمت يا دار حبيبتي.

<<  <   >  >>