للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشبهة الرابعة: نفيهم عبادة الصالحين مع أنهم يدعونهم أو يذبحون لهم]

...

فإن قال: أنا لا أعبد إلا الله وهذا الالتجاء إلى الصالحين ودعاؤهم ليس بعبادة.

ــ

منهم؛ فإنهم مُقرُّون بالربوبية؛ أن الله هو المدبر وحده لا شريك له كما تقدمت الإشارة إليه أول الكتاب. اقرأ عليه الآيات الدالة على إقرارهم بالربوبية المتقدمة، (واقرأ عليه) الآيات الدالة على أنهم ما أرادوا إلا الشفاعة، منها (قوله تعالى: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} ١) فإن في هذه الآية حَصْرَ مطلوبهم وهو شيء واحد؛ يقولون: ليس لنا صلاحية السؤال من الله فنطلب منهم وهم يطلبون لنا من الله ليقربونا إلى الله زلفى. (وقوله تعالى: {وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} ٢) ففي هذه الآية بيان أنه ليس لهم قصدٌ إلا شيء واحد وهو طلب الشفاعة إلى رب الجميع.

(واعلم أن هذه الشبه الثلاث هي أكبر ما عندهم) هذه والشبهتان قبلها: شبهة انتفاء الشرك مع الإقرار بتوحيد الربوبية، وشبهة حصر الشرك في عبادة الأصنام، وشبهة أن الكفار يريدون منهم وأنه لا يريد منهم إلا الشفاعة (فإذا عرفت أن الله وضحها في كتابه وفهمتها فهماً جيدا فما بعدها أيسر منها) يعني إذا صار هذه سهولُة ردِّ أعظمِ شبههم فغيُرها بطريق الأولى أسهل وأسهل؛ تجد في النصوص أسهل شيء الرد عليهم.

(فإن قال: أنا لا أعبد إلا الله وهذا الالتجاء إلى الصالحين ودعاؤهم


١ سورة الزمر، الآية: ٣.
٢ سورة يونس، الآية: ١٨.

<<  <   >  >>