للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فيه شروطه١، يبطل التصرف القولي والفعلي الذي يقع عليه الإكراه، من حيث الجملة، وأنه لا يلزم المكرَه ما صدر منه بالإكراه، من إقرار أو إسقاط، وإن كانوا اختلفوا بعد ذلك في الصور التي يكون للإكراه فيها تأثير من غيرها، وذلك بحسب ما يرد عليه الإكراه.

ومستند اتفاق العلماء على عدم صحة تصرف المكرَه، ما رواه ابن ماجه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ"٢.

وبناء عليه إذا أكرهت المرأة على التنازل عن حق من حقوقها الزوجية، لم يصح تصرفها، واعتبر تنازلها عن الحق المتنازَل عنه باطلا، ويستمر ثبوت حقها فيما تنازلت عنه، كما لو لم تتنازل.

وذلك لأن إقرارها بالتنازل وإسقاط حقها، لم يكن بإرادتها المعتبرة في الإسقاط، لخلوها عن الرضا، فلم ينفذ.

يقول ابن القيم رحمه الله:"من أقر أو حلف أو وهب أو صالح لا عن رضا منه، ولكن مُنع حقه إلا بذلك، فهو بالمكرَه أشبه منه بالمختار، ومثل هذا لا يلزمه ما عقده من هذه العقود"٣.


١ انظر للتفصيل في شروط الإكراه والمسائل المتعلقة به: رد المحتار (٦/١٢٨) ، وما بعدها، والإحكام في أصول الأحكام (١/٢٢٠-٢٢١) ، والأشباه والنظائر للسيوطي (ص ٢٠٣) ، والمغني (١٠/٣٥٣) ، والإنصاف (٨/٤٣٩) ، والموسوعة الفقهية (٦/٩٨، وما بعدها) .
٢ سنن ابن ماجه (١/٦٥٩) ، قال الألباني: صحيح، انظر: إرواء الغليل (١/١٢٣) .
٣ أعلام الموقعين (٤/٣٢) .

<<  <   >  >>