للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعالى: {وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} ١؛ وذلك لأن كمال المخلوق في تحقيق عبوديته لله, وكلما ازداد عبودية لله كلما ازداد كماله وعلت درجته، ومن توهم أن الخروج عن العبودية أكمل وأنه سقط عنه التكليف الشرعي أو عن غيره كالخضر أو الرسول، فهو جاهل ضال كافر، وذلك لأن الغاية الوحيدة التي خلق الله من أجلها الخلق وأحبها ورضيها لهم هي العبادة, قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُون} ٢، ومن لم يكن عابدًا لله فلا شك أنه واقع في عبودية غيره، لأنه لا بد أن يكون للقلب مراد محبوب هو منتهى حبه وإرادته، فمن لم يكن الله محبوبه ومعبوده، كان غير الله له محبوبًا مرادًا، إما الصنم أو الشمس والقمر الكواكب، أو الملائكة والأنبياء والصالحين أو المال والجاه والسلطان، أو المبادئ والشعارات واللافتات اللا إسلامية، لما لها عليه من سلطان وقهر، ولما يعطيها من الخضوع والطاعة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة، إن أُعطى رضي وإن لم يُعط لم يرض" ٣، فمن لم يكن عبدًا لله كان عبدًا لهواه ولما يهواه, لأن الرق والعبودية الحقيقية هو رق القلب وعبوديته٤.


١ سورة الحجر آية ٩٩.
٢ سورة الذاريات آية ٥٦.
٣ رواه البخاري في الجهاد ٧٠ وفي كتاب الرقاق.
٤ انظر كتاب العبودية ص٣٨ - ٩٩ ومدارج السالكين ١/١٠١ والتنبيهات السنية ص٧٥.

<<  <   >  >>