للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

{رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً} ١، وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} ٢، ولذلك لا تصح العبادة إلا إذا توفر شرطاها وهما: الإخلاص والمتابعة, وأعني بالإخلاص: أن تكون العبادة خالصة لله ولا شريك معه فيها غيره سواء بالعمل أو بالنية، وأعني بالمتابعة: أن تقع وفق ما سنه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه هو المبين عن الله مراده في آياته, وليس لنا حق الاعتراض أو الزيادة أو النقص, ومن استحل ذلك خرج من الملة، قال تعالى: {بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُون} ٣، فقوله: مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ} ، إشارة إلى الإخلاص، وقوله {وَهُوَ مُحْسِنٌ} إشارة إلى المتابعة، وقد قيل للفضيل بن عياض عن قوله تعالى: {لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً} ٤ فقال: أخلصه وأصوبه قيل: يا أبا علي, ما أخلصه وأصوبه؟ فقال: إن العمل إذا كان خالصًا ولم يكن صوابًا لم يقبل، وإذا كان صوابًا ولم يكن خالصًا لم يقبل, حتى يكون خالصًا وصوابًا، فالخالص: أن يكون لله وحده، والصواب: أن يكون على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم٥.

وأما أنواع العبادة فهي تشمل الإنسان كله، حتى لم يبق فيه جزء لم يشترك في العبادة، وعليه تتنوع العبادة إلى خمسة أنواع:

١- العبادات القلبية: وهي الأساس لما بعدها؛ لأنه يترتب على الإخلال بها الدخول في الشرك الأكبر أو الأصغر، وسميت قلبية؛ لأنها من عمل القلب


١ سورة مريم آية ٦٥.
٢ سورة الأنبياء آية ٢٥.
٣ سورة البقرة آية ١١٢.
٤ سورة تبارك الملك آية ٢.
٥ التنبيهات السنية ص ٧٥.

<<  <   >  >>